للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِحْدَاهُمَا: جَهَالَةُ ثَمَنِهِ، وَالْقِرَاضُ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ.

وَالثَّانِيَةُ: عَقْدُهُ بِالصِّفَةِ وَالْقِرَاضُ بِالصِّفَاتِ بَاطِلٌ، فَإِنْ بَاعَهُ الْعَامِلُ كَانَ بَيْعُهُ جَائْزًا لِصِحَّةِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَإِنِ اتَّجَرَ بِهِ كَانَ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِحُدُوثِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ دُونَ بَيْعِ الْعَرَضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي بَيْعِ الْعَرَضِ جُعْلًا، وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهُ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ رِبْحًا فَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِالْبَيْعِ مُعْتَاضًا عَلَى الْقِرَاضِ، وَلَوْ قَالَ خُذْ مِنْ وَكِيلِي أَلْفَ درهم فضارب بها لم يجز لعلة واحدة، وَهُوَ أَنَّهُ قِرَاضٌ بِصِفَةٍ، وَمَا حَصَلَ مِنْ رِبْحٍ وَخُسْرَانٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا دَفَعَ إِلَى صَيَّادٍ شَبَكَةً لِيَصِيدَ بِهَا وَيَكُونَ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ الصَّيْدُ لِلصَّيَّادِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ، وَلَوْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَاشِيَةً لِيُعْلِفَهَا مُمْسِكًا لِرِقَابِهَا، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا يَدُرُّ مِنْ دُرِّهَا وَنَسْلِهَا لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، فَأَمَّا الْمَعْلُوفَةُ فَإِنْ كَانَتْ رَاعِيَةً لَمْ يَرْجِعْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً يَرْجِعُ بِثَمَنِهَا مَعَ أُجْرَتِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ صَيْدِ الشَّبَكَةِ وَنِتَاجِ الْمَاشِيَةِ، أَنَّ حُدُوثَ النِّتَاجِ مِنْ أَعْيَانِهَا فَكَانَ لِمَالِكِهَا دُونَ عَالِفِهَا، وَحُصُولَ الصَّيْدِ بِفِعْلِ الصَّيَّادِ فَكَانَ لَهُ دُونَ مَالِكِ الشَّبَكَةِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ دَفَعَ سَفِينَةً إِلَى مَلَّاحٍ لِيَعْمَلَ فِيهَا بِنِصْفِ كَسْبِهَا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الْكَسْبُ لِلْمَلَّاحِ لِأَنَّهُ بِعَمَلِهِ، وَعَلَيْهِ لِمَالِكِ السَّفِينَةِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا.

وَعَلَى هَذَا لَوْ دَفَعَ إِلَى نَسَّاجٍ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ وَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي فَضْلِ ثَمَنِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَتْ مُعَامَلَةً فَاسِدَةً، وَالثَّوْبُ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ لِلْغَزْلِ لِتَكُونَ أَجْرَتُهُ نِصْفَ ثَمَنِهِ كَانَتْ إِجَارَةً فَاسِدَةً، وله أجرة مثله.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ قَارَضَهُ وَجَعَلَ رَبُّ الْمَالِ مَعَهُ غُلَامَهُ وَشَرَطَ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ وَالْغُلَامِ أَثْلَاثًا فَهُوَ جائزٌ وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَانِ وَلِلْعَامِلِ الثُّلُثُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ قَارَضَ رَجُلًا بِمَالٍ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَثُلُثَهُ لِغُلَامِهِ وَالثُّلُثَ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَمَلَ الْغُلَامِ مَعَ الْعَامِلِ فَهَذَا قِرَاضٌ جَائِزٌ لِأَنَّ مَالَ غُلَامِهِ لَهُ إِذِ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَصَارَ كَأَنَّهُ شَرَطَ ثُلُثَيِ الرِّبْحِ لِنَفْسِهِ وَالثُّلُثَ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ ثُمَّ جَعَلَ نِصْفَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ رِبْحٍ مَصْرُوفًا إِلَى نَفَقَةِ غُلَامِهِ فَيَكُونُ فِيهَا مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَيْهِ أَوْ يَحْبِسَهَا عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>