للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خروج لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ فَثَبَتَ أَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي الْخُرُوجِ فِي الدَّعْوَى لَا فِي حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِلْمُدَّعِي قَطْعُهُ عَنِ اشْتِغَالِهِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الدَّعْوَى أَوْ وَكَّلَ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْجَوَابَ قَدْ يَكُونُ إِقْرَارًا فَهُوَ مَنْ يَخْرُجُ فِي دَيْنِهِ بِالْإِقْرَارِ مَعَ حُضُورِهِ كَانَ مُتَخَرِّجًا بِالْخُرُوجِ مِنَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَهُوَ جَمْعٌ بِغَيْرِ مَعْنًى ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أحدها: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شُهُودَ الْفَرْعِ بِرِضَا الْخَصْمِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى شُهُودِ الْأَصْلِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الْوَكِيلِ بِرِضَا الْخَصْمِ مَعَ زَوَالِ الْعُذْرِ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالضَّرُورَةِ فِي الْوَكَالَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ إِلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فَمَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا لَمْ يُكَلَّفْ سَمَاعَهَا. وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الْخَصْمِ وَلَا يَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ فَجَازَ سَمَاعُهُ مِمَّنْ لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى السَّمَاعِ مِنْهُ.

وَأَمَّا استدلالهم بالوصي والولي فذلك لأنه نائب عن من لَمْ يَخْتَرْهُ فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا مَعَ الضَّرُورَةِ والوكيل نائب عن من اخْتَارَهُ فَجَازَ ارْتِفَاعُ الضَّرُورَةِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْوَكَالَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَغَيْرِ الْبَرْزَةِ وَمِنَ الرَّجُلِ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِ الْمَعْذُورِ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى فَصْلَيْنِ: -

أَحَدُهُمَا: مَنْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ.

وَالثَّانِي: مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَكَّلَ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي شَيْءٍ تَصِحُّ فِيهِ. النِّيَابَةُ، جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ انْقَسَمَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: -

قِسْمٌ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَهُمْ مَنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا رَشِيدًا فَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا جَائِزٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُوَكِّلُوا إِذَا كَانَ تَصَرُّفُهُمْ تَصَرُّفَ مِلْكٍ لَا نِيَابَةٍ. فَأَمَّا الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ بِنِيَابَةٍ عَنْ غَيْرِهِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ كَالْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ مُوَكِّلِهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْأَحْوَالِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>