خِيَارُهُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ بَيْنَ الْمُقَامِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمُكْرِي بِالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُقَدَّرًا بِالْمَسَافَةِ كَانَ خِيَارُهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ بِالْمُسَمَّى.
وَالثَّانِي: الْمُقَامُ وَأَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنَ الْغَاصِبِ وَقَدِ اسْتُوفِيَ.
وَالثَّالِثُ: الْمُقَامُ وَرُكُوبُ الْبَعِيرِ وَيَرْجِعُ الْجَمَّالُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَيُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ اختاره الراكب فهو له.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الرِّحْلَةِ رَحَلَ لَا مَكْبُوبًا وَلَا مُسْتَلْقِيًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ فَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَأْوِيلُهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّاكِبُ إِلَى تَقْدِيمِ الْمَحْمَلِ إِلَى مُقَدِّمَةِ الْبَعِيرِ لِيَكُونَ أَوْطَأَ لِرُكُوبِهِ وَيَدْعُوَ الْجَمَّالُ إِلَى تَأْخِيرِ الْمَحْمَلِ إِلَى مُؤَخِّرِ الْبَعِيرِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَى الْبَعِيرِ وَإِنْ شَقَّ عَلَى الرَّاكِبِ فَلَا يَرْجِعْ إِلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُرَاعَى عُرْفُ النَّاسِ فِيهِ فَيُجْعَلُ الْمَحْمَلُ وَسَطًا لَا يُقَدَّمُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى لَا يَنْكَبَّ وَلَا يَسْتَلْقِيَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ تَأْوِيلَهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّاكِبُ إِلَى أَنْ يُوَسَّعَ قَيْدُ الْمَحْمَلِ الْمُقَدَّمِ حَتَّى يَنْزِلَ وَيُضَيَّقَ قَيْدُ الْمُؤَخَّرِ حَتَّى يَعْلُوَ لِيَسْتَلْقِيَ الرَّاكِبُ عَلَى ظَهْرِهِ فَلَا يَنْكَبُّ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفَاهِيَتِهِ وَيَدْعُو الْجَمَّالُ إِلَى تَوْسِيعِ الْمُؤَخَّرِ لِيَنْزِلَ وَيُضَيِّقُ الْمُقَدَّمَ لِيَعْلُوَ لِيَنْكَبَّ الرَّاكِبُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَكُونَ أَرْفَهَ عَلَى الْبَعِيرِ لِيَصِيرَ الْحِمْلُ عَلَى عَجُزِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُرَاعَى عُرْفُ النَّاسِ فِيهِ فَيُسَوَّى بَيْنَ قَيْدِ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ حَتَّى لَا يَنْكَبَّ وَلَا يَسْتَلْقِيَ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ تَأْوِيلُهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّاكِبُ إِلَى تَضْيِيقِ قَيْدَيِ الْمَحْمَلِ لِيَعْلُوَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَيَدْعُوَ الْجَمَّالُ إِلَى تَوْسِيعِهِمَا لِيَسْتَلْقِيَ عَلَى جَنْبِ الْبَعِيرِ فَيُمْنَعَا وَيُشَدَّ وَسَطًا لَا عَالِيًا ولا مستلقياً.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَدِّلَ مَا يَبْقَى مِنَ الزَّادِ وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنَ الزَّادِ يَنْقُصُ فَلَا يُبَدَّلُ كَانَ مَذْهَبًا (قَالَ الْمُزَنِيُّ) الْأُوَلُ أَقْيَسُهُمَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُسَافِرٍ اكْتَرَى مِنْ جَمَّالٍ جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ وَيَحْمِلَ مِائَةَ رِطْلٍ مِنْ زَادٍ لِيَأْكُلَهُ فِي سَفَرِهِ فَفَنِيَ بِالْأَكْلِ أَوْ فَنِيَ بَعْضُهُ فَهَلْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُبَدِّلَ ما فني من الزَّادِ بِمِثْلِهِ أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ مَا فَنِيَ مِنْهُ كَمَا يُبَدِّلُ مَا سُرِقَ مِنْهُ وَكَمَا يُبَدِّلُ الْمَتَاعَ لَوْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ وَكَمَا يَحْمِلُ بَدَلَ الْمَاءِ الَّذِي يَشْرَبُهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ لِأَنَّهُ أَقْيَسُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُبَدِّلُ مَا فَنِيَ مِنْهُ بِالْأَكْلِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ الْمَعْهُودِ فِيهِ أَنَّ الزَّادَ إذا فني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute