للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ غَنِيمَةً، لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْرُوثِ فِي مَالِهِ بِحُقُوقِهِ كُلِّهَا كَالْمَرْهُونِ، وَمَا اسْتُحِقَّتْ بِهِ النَّفَقَةُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ (الْأُمِّ) يَصِيرُ مَغْنُومًا يُؤَدِّي مَالَ كِتَابَتِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ إِنْ عَتَقَ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ رَقَّ كَانَ فَيْئًا لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يُورِثُ، وَلَا يَتَجَاوَزُ الْمُسْتَأْمِنَ، وَقَدْ زَالَ الْأَمَانُ بِالْمَوْتِ، وَصَارَ الْمُكَاتَبُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَمَانٌ، فَلِذَلِكَ صَارَ مَغْنُومًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وإن خرج فَسُبِيَ فَمُنَّ عَلَيْهِ أَوْ فُودِيَ بِهِ لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا وَرُدَّ مَالُ مُكَاتَبِهِ إِلَيْهِ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنِ اسْتُرِقَّ وَعَتَقَ مكاتبه بالأداء ومات الحربي رقيقا لم يكن رقيقا ولا ولاء لأحد بسببه والمكاتب لا ولاء عليه إلا أن يعتق الحربي قبل موته فيكون له ولاء مكاتبه وما أدى من كتابته لأن ذلك مال كان موقوفا له أمان فلم يبطل أمانه ما كان رقيقا ولم نجعله له في حال رقه فيأخذه مولاه فلما عتق كانت الأمانة مؤداة (قال المزني) وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هذا والثاني لما رق كان ما أدى مكاتبه فيئا وقال في كتاب السير يصير ماله مغنوما (قال المزني) هذا عندي أشبه بقوله الذي ختم به قبل هذه المسألة لأنه لما بطل أن يملك بطل عن ماله ملكه) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي حَرْبِيٍّ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ اسْتِئْمَانِهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ أَمَانَهُ يَزُولُ بِعَوْدِهِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ مَالِهِ الَّذِي عَادَ مَعَهُ وَلَا يَزُولُ أَمَانُهُ عَنِ الْمَالِ الَّذِي خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْأَمَانَ يَتَمَيَّزُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَيَكُونُ مَالُ الْكِتَابَةِ يَسْتَوْفِيهِ وَكِيلُ هَذَا السَّيِّدِ الْحَرْبِيِّ، فَإِنْ سُبِيَ هَذَا السَّيِّدُ فَأَمِيرُ الْجَيْشِ فِيهِ بِالْخِيَارِ فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ فِي أَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ مِنْ قَتْلِهِ، أَوْ مُفَادَاتِهِ، أَوِ اسْتِرْقَاقِهِ، أَوِ الْمَنِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ كَانَ قَتْلُهُ بَعْدَ الْأَسْرِ كَمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ، وَهَلْ يُغْنَمُ الْمُكَاتَبُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ أَوْ فُودِيَ بِهِ كَانَ الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ أَمَانًا لَهُ، فَيَكُونُ الْمُكَاتَبُ فِي حَقِّ هَذَا السَّيِّدِ عَلَى حُكْمِهِ قَبْلَ أَسْرِهِ يُؤَدِّي مَالَ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ إِلَى وَكِيلِهِ إِنْ عَادَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنِ اسْتُرِقَّ هَذَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَسْرِهِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالِاسْتِرْقَاقِ، لِأَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَلَا يَنْتَقِلُ مَالُهُ إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي اسْتَرَقَّهُ، لِأَنَّ السَّيِّدَ إِنَّمَا يَمْلِكُ أَكْسَابَ عَبْدِهِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، وَذَاكَ مَالٌ قَدْ كَسَبَهُ قَبْلَ الِاسْتِرْقَاقِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ سَيِّدُهُ، وَلَا يَكُونُ أَيْضًا لِوَارِثِ هَذَا الأٍسير الْمُسْتَرَقِّ، لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ حَيٌّ وَلَا يُورَثُ مَمْلُوكٌ ولا حي.

<<  <  ج: ص:  >  >>