قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَيَقْسِمُ لِلْمُحرمَةِ، فَأَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَإِنْ أَمِنَهَا عَلَى نَفْسِهِ قَسَمَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْهَا لَمْ يَقْسِمْ، وَيَقْسِمُ لِذَوَاتِ الْعُيُوبِ مِنَ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، فَإِنْ عَافَتْهُ نَفْسُهُ فَسَخَ.
وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَسْمُ لِمَنْ ذَكَرْنَاهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْمَرِيضَةِ فِيمَا سِوَى الْوَطْءِ إِذَا كَانَ يَضُرُّهَا.
وَأَمَّا الرَّتْقَاءُ فَيَسْتَمْتِعُ بِمَا أَمْكَنَ مِنْهَا.
وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَيَسْتَمْتِعُ بِهَا دُونَ الْفَرْجِ.
وَأَمَّا الَّتِي آلَى مِنْهَا فَلَهُ وطئها وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ.
وَأَمَّا الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فليس له وطئها.
وَفِي إِبَاحَةِ التَّلَذُّذِ فِيمَا سِوَى الْوَطْءِ وَجْهَانِ، وَأَمَّا الْمُحْرِمَةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَعَلَى الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ أَنْ يَقْسِمَ لِنِسَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جِمَاعِهِنَّ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مَقْصُودِ الْقَسْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا لَزِمَهُ الْقَسْمُ لَهُنَّ كَالصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانَ عبداً لزمه القسم كالحر.
[مسألة]
قال الشافعي: " وإن أحب أن يلزم منزلاً يأتيه فِيهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِنَّ فَأَيَّتُهُنَ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ أَنْ يَطُوفَ عَلَيْهِنَّ فِي مَسَاكِنِهِنَّ فَيُقِيمُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي زَمَانِ قَسْمِهَا كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ نِسَائِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ فِي مَنْزِلٍ وَيَأْمُرُهُنَّ بِإِتْيَانِهِ فِيهِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَتُقِيمُ عِنْدَهُ مُدَّةَ قَسْمِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَاهُمَا بِهِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَسْمِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَصْوَنُ لَهُنَّ وَأَجْمَلُ فِي عِشْرَتِهِنَّ فَلَوْ أَمَرَهُنَّ بِإِتْيَانِهِ فَامْتَنَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَنْ تَأْتِيَهُ فَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ عُذِرَتْ وكانت على حقها من القسم النفقة، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَرَضٍ وَلَا عُذْرٍ صَارَتْ بِامْتِنَاعِهَا نَاشِزًا وَسَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، لِأَنَّ عَلَيْهَا قَصْدَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَصْدُهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا لَزِمَهَا اتِّبَاعُهُ، وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تُسَافِرَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اتِّبَاعُهَا، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ وَالْخَفَرِ اللَّاتِي لَمْ تَجُزْ عَادَتُهُنَّ بِالْبُرُوزِ صِينَتْ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهَا اتِّبَاعُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا فِي مَنْزِلِهَا.
فَصْلٌ
وَإِذَا حُبِسَ الزَّوْجُ، أَمْكَنَ نسائه أَنْ يَأْوِينَ مَعَهُ فِي حَبْسِهِ، فَهُنَّ عَلَى حُقُوقِهِنَّ مِنَ الْقَسْمِ لِأَنَّ حَالَهُ فِي الْحَبْسِ كَحَالِهِ فِي مَنْزِلِهِ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُنَّ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ فِي الْحَبْسِ مِنَ الرِّجَالِ أَوْ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ النَّاسِ سَقَطَ الْقَسْمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute