للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّهَا تُوجِبُ حَدَّ الزِّنَا كَمَا تُوجِبُهُ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا أَغْلَظُ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلِهِ إِذَا لَمْ تَكْمُلْ أَوْجَبَتْ حَدَّ الْقَذْفِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَا تُوجِبُهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّرْجَمَةُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدُ الشُّهُودِ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدُ الْإِقْرَارِ بِهِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَضَمَّنَ اللِّعَانُ إِقْرَارًا بِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَرْبَعَةً وَفِي الثَّانِي شَاهِدَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدُ الْإِقْرَارِ بِغَيْرِ الزِّنَا فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى شَاهِدَيْنِ لأنه ليس في المتلاعنين أقر بالزنا، فإن أقر به أَحَدُهُمَا اعْتُبِرَ حِينَئِذٍ فِي إِقْرَارِهِ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَرْبَعَةً عَلَى الِاخْتِيَارِ دُونَ الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْحُضُورِ دون المترجمين.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ الْتَعَنَ بِالْإِشَارَةِ وَإِنِ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْخَرَسِ لَمْ يُعِدْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي لِعَانِ الْأَخْرَسِ وَذَكَرْنَا خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهَا وَمَنْعَهُ مِنْ لِعَانِ الْأَخْرَسِ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، بِمَا أَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ، فَلَوْ لَاعَنَ الْأَخْرَسُ بِالْإِشَارَةِ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ لَمْ يُعِدِ اللِّعَانَ وَأَجْزَأَ ما تقدم منه بالإشارة.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " ثُمَّ تُقَامُ الْمَرْأَةُ فَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ زَوْجِيَ فُلَانًا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا ثم تعود حتى تقول ذلك أربع مرات فإذا فرغت وقفها الإمام وذكرها الله تعالى وقال احذري أن تبوئي بغضب من الله إن لم تكوني صادقة في أيمانك فإن رآها تمضي وحضرتها امرأة أمرها أن تضع يدها على فيها وإن لم تحضرها ورآها تمضي قال لها قولي وعلي غضب الله إن كان مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا فإذا قالت ذلك فقد فرغت قال وإنما أمرت بوقفهما وتذكيرهما الله لأن ابن عباس رضي الله عنهما حكى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر رجلاً حين لاعن بين المتلاعنين أن يضع يده على فيه في الخامسة وقال إنها موجبة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ صفة العان فِي الْمَرْأَةِ بَعْدَ لِعَانِ الرَّجُلِ وَاسْتَوْفَيْنَا حُكْمَهُ بما أغنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>