للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْحَمْلِ هَلْ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

فَأَمَّا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفُ عَلَى الظَّهْرِ فَمَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَهَا قَالَ الرَّبِيعُ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا، فَكَانَ أَكْثَرُهُمْ يُخَرِّجُونَ اللَّبَنَ وَالصُّوفَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْحَمْلِ، وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: يَدْخُلُ الصُّوفُ فِي الرَّهْنِ وَلَا يَدْخُلُ اللَّبَنُ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ اللَّبَنَ مُنْفَصِلٌ لَا يُسْتَبْقَى وَالصُّوفُ مُتَّصِلٌ يُسْتَبْقَى.

فَأَمَّا مَا حَدَثَ مِنَ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فيه والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكُلُّ وَلَدِ أَمَةٍ وَنِتَاجِ مَاشِيَةٍ وَثَمَرِ شَجَرَةٍ وَنَخْلَةٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ خَارِجٌ مِنَ الرَّهْنِ يُسَلَّمُ لِلرَّاهِنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ فَأَمَّا دُخُولُهُ فِي الرَّهْنِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ.

أَحَدُهَا: مَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ النَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ كَالطُّولِ وَالسِّمَنِ.

وَالثَّانِي: مَا لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ كَسْبُ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ.

وَالثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَهُوَ مَا سِوَى الْكَسْبِ مِنَ النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ كَالثَّمَرَةِ وَالنِّتَاجِ وَالدَّرِّ وَالصُّوفِ وَأَوْلَادِ الْإِمَاءِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ.

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنَ الرَّهْنِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة، أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ الرَّهْنِ كَالْأَوْلَادِ وَالنِّتَاجِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالدَّرِّ وَالثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الرَّهْنِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ نَمَاءٌ فِي الرَّهْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ كَالنَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ وَلِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَوَجَبَ أَنْ يكون ماؤه محبوسا معه كالمبيع، إذا حبسه البائع على ثمنه كان نماؤه الْحَادِثُ مَحْبُوسًا مَعَهُ كَالْمَبِيعِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى مِلْكٍ فَوَجَبَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>