للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من تجب عليه الصدقة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وتجب الصَّدَقَةُ عَلَى كُلِّ مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ مِنَ الأحرار وإن كان صغيراً أو معتوهاً أو امرأة لا فرق بينهم في ذلك كما تجب في مال كل واحد منهم ما لزم ماله بوجه من الوجوه جناية أو ميراث أو نفقة على والد أو ولد زمن محتاج وسواء ذلك في الماشية والزرع وزكاة الفطرة وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال " ابتغوا في أموال اليتيم - أو قال في أموال اليتامى - لا تأكلها الزكاة " وعن عمر بن الخطاب وابن عمر وعائشة أن الزكاة في أموال اليتامى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: كُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ فَالزَّكَاةُ فِي مَالِهِ وَاجِبَةٌ، مُكَلَّفًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَقَالَ أبو حنيفة التَّكْلِيفُ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، إِلَّا زَكَاةَ الفطر والأعشار استدلالاً بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَنْتَبِهَ " وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ لَا تَلْزَمُ الْغَيْرَ عَلَى الْغَيْرِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمَ غير مكلف كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْمُسْلِمِ تُقَابِلُ جِزْيَةَ الذمي لاعتبار الحول فيها، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الزَّكَاةَ تَطْهِيرًا وَنِعْمَةً وَالْجِزْيَةَ صَغَارًا وَنِقْمَةً، فَلَمَّا لَمْ تَجِبِ الْجِزْيَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، اقْتَضَى أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) {التوبة: ١٠٣) وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي أَمْوَالِهِمْ كِنَايَةٌ تَرْجِعُ إِلَى مَذْكُورٍ تَقَدَّمَ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصار وَالذينَ اتّبَعُوهُمْ بإحْسَانٍ} (التوبة: ١٠٠) قِيلَ: اتَّبَعُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الذَّرَارِيِّ وَالْأَطْفَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>