وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ابتغوا في أموال اليتامى كيلا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ.
وَرَوَى الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا فَلْيَتَّجِرْ لَهُ وَلَا يتركه حتى تأكله الصدقة ".
روى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " في مال اليتيم زكاة " فإن قيل: هذا خطاب، والخطاب تكليف، ولا يَتَوَجَّهُ إِلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ، قِيلَ الْخِطَابُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: خِطَابُ مُوَاجَهَةٍ، وَذَلِكَ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَى غير ما كلف، وَخِطَابُ إِلْزَامٍ كَمَسْأَلَتِنَا وَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ إِلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَتَوَجُّهِهِ إِلَى الْمُكَلَّفِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَيْسَ يُعْرَفُ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْفِطْرَةِ فَجَازَ أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ كَالْبَالِغِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَلِأَنَّ كُلَّ زَكَاةٍ تَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ جَازَ أَنْ تَجِبَ في مال غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ ضَرْبَانِ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ ضَرْبَانِ أَفْعَالُ أَبْدَانٍ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَحُقُوقُ أموال كالمهر وَالنَّفَقَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، فَمَا كَانَ مِنْ أَفْعَالِ الأبد أن يختص به المكلف من غَيْرِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُكَلَّفُ وَغَيْرُهُ، كَذَلِكَ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى ضَرْبَانِ، أَفْعَالُ أَبْدَانٍ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُكَلَّفُ دُونَ غَيْرِهِ، وَحُقُوقُ أَمْوَالٍ كَالزَّكَوَاتِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهَا الْمُكَلَّفُ وَغَيْرُهُ، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رفع القلم " فمعنى (رفع القلم) عَنْ نَفْسِهِ، لَا عَنْ مَالِهِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُمْ إِنْ قَالُوا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الصَّبِيِّ، قُلْنَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ فِي مَالِهِ، وَإِنْ قَالُوا: فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ فِي مَالِهِ، لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْوَصْفُ فِي الْأَصْلِ الْمَرْدُودِ إِلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ أَنَّهُمَا مِنْ أَفْعَالِ الْأَبْدَانِ وَالزَّكَوَاتِ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ وَحُكْمُهُمَا مُفْتَرِقٌ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَمْ يَصِحَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ زَكَاةِ الفطر وبين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute