نِفَاسِهَا. فَإِنْ لَمْ تَرَ بَعْدَ وِلَادَتِهَا دَمَ نِفَاسٍ لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يُجَامِعَهَا فِي طُهْرِهَا، سواء قبل بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ بِسُقُوطِهِ عَنْهَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إِنْ وَجَبَ فَلِوَضْعِ الْحَمْلِ الْجَارِي مَجْرَى الْإِنْزَالِ لَا إِنَّهُ لِأَجْلِ النِّفَاسِ.
(فَصْلٌ:)
فَلَوْ قَالَ لِإِحْدَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ بِنِيَّتِي أَنَّهَا تُطَلَّقُ إِذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ مُعَجَّلًا لِغَيْرِ السُّنَّةِ، وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا نَوَى. فَلَمْ يُلْزِمْهُ الطَّلَاقُ أَنْ تَصِيرَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجَرَى ذَلِكَ فِي مَجْرَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِنْ دَخَلَتِ الدَّارَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْبَاطِنِ، فَلَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِدُخُولِ الدَّارِ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَالَ: أَرَدْتُ بِنِيَّتِي أَنَّهَا تُطَلَّقُ إِذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَأُلْزِمَ تَعْجِيلَ الطَّلَاقِ. وَدِينَ فِي الْبَاطِنِ وَلَمْ يُلْزِمْهُ الطَّلَاقُ إِلَّا أَنْ تَصِيرَ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ.
وَلَوْ قَالَ لِإِحْدَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إِنْ كَانَ يَقَعُ طَلَاقُ السُّنَّةِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَعَ الشَّكِّ فِي حَالِهَا؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي الصَّغِيرَةِ هَلْ حَاضَتْ أَوْ لَمْ تَحِضْ؟ أَوْ شَكٌّ فِي الْحَمْلِ هَلْ هُوَ حَمْلٌ أَوْ غَلَطٌ أَوْ شَكٌّ فِي الْمُؤَيَّسَةِ هَلِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ شَكٌّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا هَلْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؟
فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا إِذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي ثَانِي حَالٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ ذَلِكَ بِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْحَالِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أِنَّهُ شَرْطٌ مَلْغِيٌّ لِاسْتِحَالَتِهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مَعَ اسْتِحَالَتِهِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَلَا إِنْ صَارَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي ثَانِي حَالٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ صَعِدْتِ السَّمَاءَ لَمْ تُطَلَّقْ وَإِنْ عُلِّقَ بِشَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ إِنْ كَانَ يَقَعُ عَلَيْكِ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الشَّكِّ فِيهِنَّ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْيَقِينِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
وَلَوْ قَالَ لِإِحْدَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ صِفَتَيْنِ مُتَضَادَّتَيْنِ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي النِّسَاءِ عُمُومًا وَانْفِرَادُهُمَا فِي هَؤُلَاءِ خُصُوصًا فَأُلْغِيَتِ الصِّفَتَانِ وَعُجِّلَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ. وَلَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ: أَنْتِ طالق لا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute