ومنه: المزاء وهو من أشربة أهل الشَّامِ، وَمِنْهُ: السَّكَرُ، وَهُوَ نَقِيعُ التَّمْرِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَمِنْهُ: السُّكْرُكَةُ وَهُوَ مِنَ الْأُرْزِ لِأَهْلِ الْحَبَشَةِ.
وَمِنْهُ: الْجِعَةُ وَهُوَ مِنَ الشعير ومنه الضعف وهو من عنب شرخ كَالْفَضِيخِ مِنَ الْبُسْرِ يُتْرَكُ فِي أَوْعِيَتِهِ حَتَّى يَغْلِيَ.
وَمِنْهُ الْخَلِيطَانِ وَهُوَ مَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ بُسْرٍ وَعِنَبٍ أَوْ بَيْنَ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ.
ومنه المغذي اسْتُخْرِجَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالشَّامِ مِنْ ماء الرمان وماء العنب.
وَمِنْهُ مَا يَتَغَيَّرُ بِالطَّبْخِ، فَمِنْهُ: الْمُنَصَّفُ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ بِالنَّارِ نِصْفُهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ، وَمِنْهُ: الْمُثَلَّثُ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَ ثُلُثَاهُ، ومنه: الكلا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، وَمِنْهُ الْجَهْوَرِيُّ وَهُوَ مَا يَجْمُدُ، فَإِذَا أُرِيدَ شُرْبُهُ حل بالماء والنار وعليه يسميه أهل فارس البحتح إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا تحصى فلما اختلفت أسماء الخمر واتفقت أحكامها لِلِاشْتِرَاكِ فِي مَعْنَى الشِّدَّةَ، وَاخْتَلَفَتْ أَسْمَاءُ النَّبِيذِ، وَاتَّفَقَتْ أَحْكَامُهُ مَعَ الشِّدَّةِ، وَجَبَ إِذَا اخْتَلَفَ اسم الخمر والنبيذ أن تتفق أحكامها لأجل الشدة، وهذا الاستدلال فِي سَائِرِ اخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَتَأْثِيرُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى النَّبِيذِ اسْمَ الْخَمْرِ حَرَّمَهُ بِالنَّصِّ، وَمَنْ لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ اسْمَ الْخَمْرِ حَرَّمَهُ بِالْقِيَاسِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا الْجَوَابُ، عَنْ قَوْله تَعَالَى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧] فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ السَكَرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ يَمْنَعُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ، بِبَعْضِهِ لِأَنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْخَمْرُ قَالَهُ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ النَّبِيذُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَا طَابَ وَلَمْ يُسْكِرْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ الْمُسْكِرُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ الْحَرَامُ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ.
وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ الطَّعَامُ، قَالَهُ أبو عبيدة.
والسابع: أنه الخل.
ومع اختلاف هذا التأويل لن يَصِحَّ فِي أَحَدِهَا دَلِيلٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَسْمَاءِ السُّكْرِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الِاسْمِ الْمُشْتَرِكِ.