وَالثَّانِي: يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ مِنَ الثَّمَنِ بِمَا قَابَلَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ فَلَهُ الرَّدُّ قَوْلًا وَاحِدًا، سَوَاءٌ قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فِي الْعَيْنِ.
لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْعَيْنِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ، فَلَا وَجْهَ لِمَنْ خَرَّجَ وَجْهًا آخَرَ فِي المنع من الرد إذا قبل بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ.
فَهَذَا إِذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهَا حَتَّى ظَهَرَ على الْعَيْبُ فَلَا رَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا بوجوب الزكاة في الذمة فالعين مرتهنة بها، وَرَدُّ الْمَرْهُونِ بِالْعَيْبِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فِي الْعَيْنِ فَالْحَقُّ إِذَا وَجَبَ فِي عين لم يجز ردها بعيب، لا كمن ابتاع عبد فَجَنَى ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، فَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ نُظِرَ: فَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ بَعْدَ إِمْكَانِ الرَّدِّ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ، وَإِنْ لَمْ يَتَطَاوَلِ الزَّمَانُ بَلْ بَادَرَ إِلَى إِخْرَاجِ زَكَاتِهَا عِنْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَرُدُّ لِقُرْبِ الْوَقْتِ وَوُجُودِ الرَّدِّ عُقَيْبَ الْعَيْبِ.
وَالثَّانِي: لَا يَرُدُّ لِأَنَّ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ اشتغال بغير الرد.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَتِ الْمُبَادَلَةُ فَاسِدَةً زَكَّى كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
إِذَا كَانَتْ مُبَادَلَتُهُمَا فَاسِدَةً فَمَلَكَ كل واحد مِنْهُمَا لَمْ يَزُلْ عَمَّا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، فَيَبْنِي عَلَى حَوْلِهِ وَيُزَكِّي عِنْدَ حُلُولِهِ، فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يُزَكِّيهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَهَذَا الْمَالُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَغْصُوبَ لَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضٌ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَهَذَا فِي مقابلته عوض ينتفع به.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا ثُمَّ بَادَلَ بِهَا أو باعها ففيها قولان أحدهما أن مبتاعها بالخيار بين أن يرد البيع بنقص الصدقة أو يجيز البيع ومن قال بهذا قال فإن أعطى رب المال البائع المصدق ما وجب عليه فيها من ماشية غيرها فلا خيار للمبتاع لأنه لم ينقص من البيع شيءٌ والقول الثاني أن البيع فاسدٌ لأنه باع ما يملك وما لا يملك فلا يجوز إلا أن يجددا بيعاً مستأنفاً ".