للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجِدًا لِجَمِيعِ الْفِطْرَةِ بَعْدَ قُوتِهِ، وَقُوتِ عِيَالِهِ، أَوْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِدٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ يَكُونَ وَاجِدًا لِبَعْضِهَا، فَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِجَمِيعِهَا فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى تَلَفَتْ مِنْ يَدِهِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إِمْكَانِ إِخْرَاجِهَا فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَزَكَوَاتِ الْأَمْوَالِ.

وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الضَّمَانُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِطْرَةِ وَبَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ: أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ، فَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ الْإِمْكَانِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا، وَالْفِطْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ، فَلَمْ يَكُنْ تَلَفُهُ قَبْلَ الْإِمْكَانِ مُسْقِطًا لِضَمَانِهَا وَالْأَوَّلُ أصح.

فَصْلٌ

: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَاجِدٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنَّمَا يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إخراجها لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ " فَلَمْ يجز أن يؤمر بإغناء غير وَيُحْوِجَ نَفْسَهُ إِلَى أَنْ يُعِينَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، إِمَّا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى الْجَدِيدِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ على القديم لم يلزمه إخراجها، ويستحب ذَلِكَ لَهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ وَجَدَهَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا وَأَصْحَابُ مَالِكٍ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَذْهَبَ مَالِكٍ، وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي وُجُوبِهَا كَانَ وَجُودُهُ مُعْتَبَرًا فِي وَقْتِهَا كَالْإِسْلَامِ، لِأَنَّ زَكَاةَ الفطر تجب بالإسلام، والقدرة فلو أَسْلَمَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَكَذَا إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ

: وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ صَاعًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ، لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لَا يَسْقُطُ بِهِ بَاقِيهَا ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ إِخْرَاجِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ، أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِخْرَاجِهِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ أَيِّهِمْ شَاءَ لِأَنَّهُ لو كان واجد الفطرة جَمِيعُهُمْ، لَكَانَ مُخَيَّرًا فِي تَقْدِيمِ إِخْرَاجِهَا عَنْ أيهم شاء فكذا، إذا كان واجد الفطرة أَحَدِهِمْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي إِخْرَاجِهَا عَنْ أَيِّهِمْ شاء.

والوجه الثاني: أنه يُخْرِجَهَا عَنْ أَحَدِ الْجَمَاعَةِ لَا يُعَيِّنُهُ لِيَحْتَسِبَ اللَّهَ تَعَالَى بِهَا عَمَّنْ شَاءَ، لِأَنَّهُ لَوْ كان واجد الفطرة جَمِيعُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعَيِّنَهَا عَنْ كُلِّ واحد منهم، وكذا إذا كان واجد الفطرة وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعَيِّنَهَا عَنْ أَحَدِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ أَوْكَدِهِمْ حُرْمَةً وَأَقْوَاهُمْ سَبَبًا لِأَنَّ مَنْ كَانَ حَقُّهُ أَوْكَدَ، وَأَقْوَى فَهُوَ بِالْإِخْرَاجِ عَنْهُ أَحَقُّ وَأَوْلَى فَعَلَى هَذَا يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثَمَّ بِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>