قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قَوْلُهُ غَيْرُ حَاقِدٍ يَعْنِي مَانِعٍ لِنَيْلِهِ يُقَالُ حَقَدَ الْمَعْدِنَ إِذَا مَنَعَ وَأَنَالَ إِذَا أَعْطَاهُ فَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ مُنِيلًا غَيْرَ حَاقِدٍ فَقَطَعَ الْعَمَلَ فِيهِ، فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْطَعَهُ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ هرب عبيداً، وتعذر آلة فإذا أعاد ضَمَّ مَا أَصَابَهُ بَعْدَ عَوْدِهِ إِلَى مَا أصابه قبل فقد قَطْعِهِ، لِأَنَّ الْقَطْعَ لَمْ يَقَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ زَمَانِ النَّيْلِ، وَأَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقْطَعَهُ مُخْتَارًا نَاوِيًا تَرْكَ الْعَمَلِ فِيهِ، فَإِنْ عَادَ صَارَ مُسْتَأْنِفًا وَلَمْ يَضُمَّ مَا أَصَابَهُ فِي الثَّانِي إِلَى مَا أَصَابَهُ فِي الْأَوَّلِ كَمَنْ غَيَّرَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا لَمْ يَبْنِ عَلَى مَا مَضَى، وَاسْتَأْنَفَ حُكْمَهَا والله أعلم.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ تَابَعَ فَحَقَدَ وَلَمْ يَقْطَعِ الْعَمَلَ فِيهِ ضَمَّ مَا أَصَابَ مِنْهُ بِالْعَمَلِ الْآخَرِ إِلَى الْأَوَّلِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْعَمَلِ، فَحَقَدَ الْمَعْدِنُ، وَمَنَعَ نَيْلَهُ ثُمَّ أَنَالَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حِقْدُهُ يَسِيرًا فَهَذَا يَبْنِي، وَلَا تَأْثِيرَ لِحِقْدِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حِقْدُهُ كَثِيرًا وَزَمَانُ مَنْعِهِ طَوِيلًا، فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ يَسْتَأْنِفُ وَلَا يَضُمُّ، لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمِّ بِشَرْطَيْنِ الْعَمَلِ والنيل فلما كان قطع العمل ع اسْتِدَامَةِ النَّيْلِ، لَا يُوجِبُ الضَّمَّ فَكَذَا اسْتِدَامَةُ الْعَمَلِ مَعَ قَطْعِ النَّيْلِ لَا يُوجِبُ الضَّمَّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ يَضُمُّ وَلَا يَسْتَأْنِفُ، لِأَنَّ نَيْلَ الْمَعَادِنِ فِي الْعَادَةِ يختلف بنيل تارة وبحقد وبحقد تَارَةً، وَلِأَنَّ انْقِطَاعَ النَّيْلِ عُذْرٌ كَانْقِطَاعِ الْعَمَلِ بِعُذْرٍ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ انْقِطَاعَ الْعَمَلِ بِعُذْرٍ يُوجِبُ الضَّمَّ وَكَذَا انْقِطَاعُ النَّيْلِ الَّذِي، هُوَ عذر يوجب الضم
[مسألة:]
قال المزني رضي الله عنه: " وقال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالَّذِي أَنَا فِيهِ وَاقِفٌ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْدِنِ وَالتَّبْرِ الْمَخْلُوقِ فِي الْأَرْضِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) إِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَصْلٌ فأولى به أن يجعله فائدةً وقد أخبرني عنه بذلك من أثق بقوله وهو القياس عندي وبالله التوفيق ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا اعْتِبَارُ الْحَوْلِ فِي زَكَاةِ الْمَعْدِنِ فَسَاقِطٌ لَا يُعْرَفُ، قَوْلُ الشَّافِعِيِّ اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ إِنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُنَا الْقَوْلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَيَلْزَمُ الْمُزَنِيَّ الْقَوْلُ بِهِ، لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ إِنَّهُ فِيهِ وَاقِفٌ وَعِنْدَنَا، إِنَّ