للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَلْزَمُ الْوَارِثَ إِلَّا بِالْقَبْضِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمَوْرُوثَ إِلَّا بِالْقَبْضِ كَالرَّهْنِ طَرْدًا وَالْبَيْعِ عَكْسًا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) {المائدة: ١) فَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَازِمُ الْعُقُودِ وَلُزُومُ الْهِبَةِ رُكُوبٌ بِالْقَبْضِ لَا بِالْعَقْدِ وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْقَبْضِ.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَالْمَعْنَى فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا لَمَّا لَزِمَتِ الْوَارِثَ لَزِمَتِ الْمَوْرُوثَ، وَالْهِبَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمَّا لَمْ تَلْزَمِ الْوَارِثَ لَمْ تَلْزَمِ الْمَوْرُوثَ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْهِبَةِ فَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِحَسْبَ اخْتِلَافِ الْمَقْبُوضَاتِ فَكُلُّ مَا كَانَ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ كَانَ قَبْضًا فِي الْهِبَةِ إِلَّا أَنَّ فِي الْبَيْعِ لَوْ قَبَضَ مَا دَفَعَ ثَمَنَهُ بغير إذن بائعه صح في الهبة لو قبضها بغير إذن بائعه صح في الهبة لو قبضها بغير إذنه الواهب لم تصح والفرق بينهما أن الرضى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي قَبْضِ الْبَيْعِ فَصَحَّ وَإِنْ كان بغير إذنه والرضى معتبر في قبض البيع فصح وإن كان بغير إذنه والرضى معتبر في قبض البيع فصح وإن كان بغير إذنه والرضى مُعْتَبَرٌ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ فَلَمْ يَصِحَّ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَلَوْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ عَقْدِ الْهِبَةِ زَمَانُ الْقَبْضِ، وَهَلْ يَحْتَاجُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الشافعي: تمت الهبة بِالْعَقْدِ وَمَضَى زَمَانُ الْقَبْضِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ وَقَالَ فِي الرَّهْنِ إِذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ فَكَانَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَنْقُلُونَ جَوَابَ كُلٍّ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى وَيُخْرِجُونَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ، وَيَكُونُ الْعَقْدُ فِيهِمَا إِذْنًا بِقَبْضِهِمَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنَ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الرَّهْنِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ بَلِ الْجَوَابُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَحْتَاجُ فِي الرَّهْنِ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْهِبَةِ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْهِبَةَ تُزِيلُ الْمِلْكَ فَقَوِيَ أَمْرُهَا فَلَمْ تحتج فِي الْهِبَةِ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ وَالرَّهْنُ أَضْعَفُ منها لأنه لا يزيل الملك وافتقر إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ.

فَصْلٌ

: وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ إِنْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ بَعْدَ طَوِيلِ الزَّمَانِ جَازَ، فَإِذَا قَبَضَ الْهِبَةَ فَفِيمَا اسْتَقَرَّ بِهِ مِلْكُهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَبْضَ هُوَ الْمِلْكُ فَعَلَى هَذَا لَوْ حَدَثَ مِنَ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ نَمَاءٌ كَثَمَرَةِ نَخْلٍ وَنِتَاجِ وَمَاشِيَةٍ فَهُوَ لِلْوَاهِبِ دون الموهوب.

والقول الثاني: أن القبض يدل على ما تَقَدُّمِ الْمِلْكِ بِالْعَقْدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا حَدَثَ مِنَ النَّمَاءِ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ دُونَ الواهب فإن كان الْوَاهِبِ فَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ قَدِ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>