{وَمِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ يُجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى) {الأنعام: ٨٤) فَجَعَلَ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَهُوَ إِنَّمَا نَسَبَ إِلَيْهِ بِأُمٍّ لَا بِأَبٍ، وَلَكِنْ لَوْ وَقَفَهَا عَلَى مُنَاسَبَةٍ، لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ أَوْلَادُ بَنَاتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ لَكِنْ يَدْخُلُ فِيهِمِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنِينَ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: عَلَى عَصَبَتِي لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ إِلَّا الذُّكُورُ وَمِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ بَنِيهِ دُونَ الْإِنَاثِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى بَنِيَّ لَمْ يُشْرِكْهُمْ بَنَاتُهُ وَلَا الْخَنَاثَى، وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنَاتِي لَمْ يُشَارِكْهُمْ بَنُوهُ وَلَا الْخَنَاثَى، وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيَّ وَبَنَاتِي، دَخَلَ فِيهِ الْفَرِيقَانِ وَفِي دُخُولِ الْخَنَاثَى فِيهِمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُونَ فِيهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْبَنِينَ وَلَا فِي الْبَنَاتِ.
والثاني: يدخلون فيهم، لأنهم لا يخلوا مِنْ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْبَنِينَ أَوْ مِنَ الْبَنَاتِ، وَإِنْ كَانُوا عِنْدَنَا مُشْكَلِينَ فَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ مُشْكَلِينَ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُهَا عَلَى بَنِي فُلَانٍ، فَإِنْ أَشَارَ إِلَى رَجُلٍ لَا إِلَى قَبِيلَةٍ اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَوْ أَشَارَ إِلَى قَبِيلَةٍ كَقَوْلِهِ: عَلَى بَنِي تَمِيمٍ فَفِي دُخُولِ الْبَنَاتِ فِيهِمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَدْخُلُونَ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْقَبِيلَةِ.
وَالثَّانِي: لَا يَدْخُلُونَ تَغْلِيبًا لِحَقِيقَةِ الِاسْمِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنَاتِ فُلَانٍ، لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمِ الذُّكُورُ سَوَاءٌ أَرَادَ رَجُلًا أَوْ قَبِيلَةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ حَدٌّ يَجْمَعُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِاسْمِ الذُّكُورِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِاسْمِ الْإِنَاثِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَفِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: مَنْ نَاسَبَهُ إِلَى الْجَدِّ.
وَالثَّانِي: مَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي رَحِمٍ.
وَالثَّالِثُ: كُلُّ مَنِ اتصل منه ينسب أَوْ سَبَبٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ " وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى آلِهِ فَفِيهِمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مَنْ دَانَ بِدِينِهِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِ فَهُمُ الْمَوْلُودُونَ، يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ، يَسْتَوِي فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُ الذُّكُورِ وَأَوْلَادُ الْإِنَاثِ، ثُمَّ الْوَالِدُونَ، يَسْتَوِي فِيهِمُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ ثُمَّ يَسْتَوِي بَعْدَهُمُ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَفِي تَقْدِيمِ الْإِخْوَةِ عَلَى الْجَدِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُونَ.
وَالثَّانِي: يَسْتَوُونَ ثُمَّ يُقَدَّمُ بَنُو الْإِخْوَةِ عَلَى الْأَعْمَامِ، وَيُسَوِّي بَيْنَ الْأَخْوَالِ وَالْأَعْمَامِ،