للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسَا وأتموا كان فيها قولان أحدهما أنه أساء ولا إعادة عليه. والثاني أن صلاة الإمام فاسدة وتتم صلاة الأولى والثانية لأنهما خرجتا من صلاته قبل فسادها لأن له انتظارا واحدا بعد آخر وتفسد صلاة من علم ما الباقيتين بما صنع وائتم به دون من لم يعلم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ فِي الْحَضَرِ أَنْ يُفَرِّقَ أَصْحَابَهُ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَيُصَلِّي بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً. فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَفِي بُطْلَانِ صلاتهم قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ أَوْقَعَ فِي صَلَاتِهِ أَرْبَعَ انْتِظَارَاتٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا فَصَارَ كَمَنْ زَادَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوِ انْتَظَرَ فِي رُكُوعِهِ دَاخِلًا فِي صَلَاتِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ لَمْ تُبْطَلْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِهِ، فَلَأَنْ لَا تَبْطُلَ بِانْتِظَارٍ قَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِمِثْلِهِ أَوْلَى. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي انْتِظَارِهِ أَكْثَرُ مِنْ تَطْوِيلِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إِنِ انْتَظَرَ جَالِسًا يُسَبِّحُ، وَإِنِ انْتَظَرَ قَائِمًا قَرَأَ وَتَطْوِيلُ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: " أَطْوَلُهَا قُنُوتًا ".

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَمَذْهَبُ الشافعي أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِانْتِظَارِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، فَعَلَى هَذَا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ جَائِزَةٌ لِخُرُوجِهَا مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ فَسَادِهَا. وَصَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بَاطِلَةٌ إِنْ عَلِمُوا بِحَالِهِ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ فَسَادِهَا. فَإِنْ لَمْ يعلموا بحاله فصلاتهم جائزة كما صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ لَا يَعْلَمُ بِجَنَابَتِهِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الرَّابِعَةِ، لِأَنَّ الِانْتِظَارَ الزَّائِدَ هُوَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَبِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ خَرَجَتْ مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ الْأَوَّلَ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَالِانْتِظَارَ الثَّانِيَ لِلطَّائِفَةِ الثَّالِثَةِ وَالِانْتِظَارَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ لِلطَّائِفَةِ الرَّابِعَةِ وَحْدَهَا عِنْدَ دُخُولِهَا وَالْآخَرُ عِنْدَ خُرُوجِهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّالِثَةِ جَائِزَةً لِخُرُوجِهَا مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ فَسَادِهَا وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فِي الِاجْتِهَادِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ تُبْطُلْ صَلَاتُهُ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا بِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّالِثَةِ لِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في تفريق أصحابه وانتظارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>