للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ زَمَانَ نَبَاتِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِيهَا الدِّيَةُ تَامَّةً، لِأَنَّهُ قَلَعَ سِنًّا لَمْ تَعُدْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِيهَا حُكُومَةٌ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُهَا لَوْ بَلَغَ زَمَانَ نَبَاتِهَا.

وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ طَلَعَ بَعْضُهَا، وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَهُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ يَجِبُ فِيهَا عَلَى أَحَدِهِمَا قِسْطُ مَا تَأَخَّرَ طُلُوعُهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَحُكُومَةٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ حُكُومَةِ مَا لَمْ يَعُدْ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالضِّرْسُ سِنٌّ وَإِنْ سُمِّيَ ضِرْسًا كَمَا أَنَّ الثَّنِيَّةَ سِنٌّ وَإِنْ سُمِّيَتْ ثَنِيَّةً وَكَمَا أَنَّ اسْمَ الْإِبْهَامِ غَيْرُ اسْمِ الْخِنْصَرِ وَكِلَاهُمَا إِصْبَعٌ وَعَقْلُ كُلُّ إِصْبَعٍ سَوَاءٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، دِيَاتُ الْأَسْنَانِ مُتَسَاوِيَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ أَسْمَائِهَا وَمَنَافِعِهَا، وَفِي كُلِّ سِنٍّ مِنْهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، تَسْتَوِي فِيهِ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ وَالنَّابُ وَالنَّاجِزُ وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ أَسْنَانِ الْفَمِ بِالْكَلَامِ وَالْأَكْلِ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فِي كُلِّ سِنٍّ، وَجَعَلَ فِيمَا غَابَ مِنَ الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ فِي كُلِّ ضِرْسٍ، وَقِيلَ بَعِيرًا، لأن مقاديم الأسنان تشارك مواخيرها فِي الْمَنْفَعَةِ وَتَخْتَصُّ بِالْجَمَالِ، فَيُفَضِّلُ بَيْنَ دِيَاتِهَا، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي مُفَاضَلَةِ دِيَاتِ الْأَصَابِعِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَاضَلَ بَيْنَهُمَا كَالْأَسْنَانِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَإِنْ فَاضَلَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ هَلْ رَجَعَ عَنْ هَذَا التَّفَاضُلِ أَمْ لَا؟ فَحَكَى قَوْمٌ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، وَحَكَى آخَرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ، وَقَدْ أَخَذَ بِمَا قَالَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْمٌ مِنْ شَوَاذِّ الْفُقَهَاءِ لِقَضَائِهِ بِذَلِكَ فِي إِمَامَتِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عُمُومُ النَّصِّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ " وَهُوَ اسْمٌ يَعُمُّ كُلَّ سِنٍّ، وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيمَا تَقَدَّرَتْ دِيَاتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَنَافِعَ الْمَيَامِنِ مِنَ الْأَعْضَاءِ أَكْثَرُ مِنْ مَنَافِعِ مَيَاسِرِهَا مَعَ تَسَاوِي دِيَاتِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَنَافِعَهَا تَخْتَلِفُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبْرِ، وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَدِيَاتُهَا مَعَ اخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا سَوَاءٌ، كَذَلِكَ الْأَسْنَانُ، وَعَلَى أَنَّ لِكُلِّ سِنٍّ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَلَمْ تَقُمْ مَنْفَعَةُ الثَّنِيَّةِ مَقَامَ مَنْفَعَةِ الضِّرْسِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ ثَبَتَتْ سِنُّ رَجُلٍ قُلِعَتْ بَعْدَ أَخْذِهِ أَرْشَهَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا (قال المزني) رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>