للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زِنًا مَا هُوَ مني، فأثبت الزنا ونفي النسب، وهو تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ هَذَا الزِّنَا، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ زِنًا، فَنَفَتِ الزنا وأثبت الْوَلَدَ، فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ الْأُولَى، أَمَرَهَا أَنْ تُعِيدَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا أَكْمَلَتِ الرَّابِعَةَ وَقَفَهَا، وَوَعَظَهَا بِمِثْلِ مَا وَعَظَ بِهِ الزَّوْجَ، وَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهَا فِي الْخَامِسَةِ لِتَرْجِعَ عَنْهَا وَلَا تُسْرِعَ إِلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَمَرَ امْرَأَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ رَآهَا تُرِيدُ إِتْمَامَهُ، قَالَ لَهَا فِي الْخَامِسَةِ: قَوْلِي وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إِنْ كَانَ زَوْجِي هَذَا مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ منْ زِنًا فَإِذَا قَالَتِ الْخَامِسَةَ فَقَدْ أَكْمَلَتْ لِعَانَهَا وَأَسْقَطَتْ بِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنْ حَدِّ الزِّنَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سِوَى سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهَا عِنْدَنَا، وَإِنْ جَعَلَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ شَرْطًا فِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْخِلَافِ مَعَهُمَا.

(فَصْلٌ)

فَإِنْ خَالَفَ الْحَاكِمُ فِي لِعَانِهِمَا مَا وَصَفْنَا، اشْتَمَلَ خِلَافُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُخَالِفَ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَيَأْمُرَهُمَا بَدَلًا مِنْ أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَنْ يَقُولَا: أُقْسِمُ بِاللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ، أَوْ أُولِي بِاللَّهِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مُخَالَفَةُ النَّصِّ وَتَغْلِيظُ الشَّهَادَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُجْزِئُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ فَكَانَ أَلْفَاظُ الْأَيْمَانِ بِهِ أَخَصَّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّهَادَةَ كِنَايَةٌ وَالْيَمِينَ صَرِيحٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَهُمَا فِي لَفْظِ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ فِي الْخَامِسَةِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْدِلَ عَنْ لَفْظِهِمَا إِلَى غَيْرِهِمَا، فَيَقُولُ بَدَلًا مِنَ اللَّعْنَةِ فِي الزَّوْجِ الْإِبْعَادَ، ومن الغضب في الزوجة، السخط، فلا يجزيه لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِتَغْيِيرِ النَّصِّ.

وَالثَّانِي: لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِالنَّصِّ صَرِيحًا فَصَارَ مَا سِوَاهُ كِنَايَةً وَإِنْ وَافَقَ مَعْنَاهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَنْقُلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ إِلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى، فَيَنْظُرَ فِيهِ، فَإِنْ نَقَلَ اللَّعْنَ مِنَ الزَّوْجِ إِلَى الزَّوْجَةِ حَتَّى قَالَتْ: وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهَا وعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ أَغْلَظُ مِنَ اللَّعْنِ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ انْتِقَامٌ وَاللَّعْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>