للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ، فَالْوَاجِبُ إِخْرَاجُهُ لِيُوَارَى وَيُدْفَنَ، وَلَا يُتْرَكُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَيَتَغَيَّرُ لَحْمُهُ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ فِي مِثْلِهَا فَقَدْ تَسَاوَيَا فِي الْمُدَّةِ وَالتَّلَفِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُحْبَسَ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا يَمُوتُ فِيهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُسْتَدَامُ حَبْسُهُ حَتَّى يَمُوتَ.

وَالثَّانِي: يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.

(فَصْلٌ)

فَإِنْ حبسته فِي بَيْتٍ مَفْعًى فَنَهَشَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ أَفَاعِيهِ تَغِيبُ عَنْهُ وَتَعُودُ إِلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُقِيمَةً فِيهِ نُظِرَ حَالُ الْبَيْتِ، فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَزِيدُ على طول الجبة وَمُنْتَهَى نَفْخِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِتَمَكُّنِهِ مِنَ البُعْدِ عَنْهَا إِذَا قَرَبَتْ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا يَقْصُرُ عَنْ طُولِهَا وَمَدَى نَفْخِهَا رُوعِيَ الْبَيْتُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ كُوًى وَنِقَابٌ تَتَسَرَّبُ فِيهِ الْأَفَاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْأَفْعَى أَنْ تَغِيبَ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْإِنْسَانِ، وَإِنْ كَانَ مُمْلِسًا لَا كُوَّةَ فِيهِ وَلَا نَقْبَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ دِيَتِهِ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ كَعَمْدِ الْخَطَأِ إِلَّا إِنْ نَهَشَتْهُ الْأَفْعَى بِيَدِهِ، وَهِيَ مِنَ الأَفَاعِي الْقَاتِلَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يُقَادُ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُقَادُ بِالسَّيْفِ، لِأَنَّ الْأَفَاعِيَ غَيْرُ مُتَمَاثِلَةٍ وَلَا نَهَشَاتِهَا مُتَسَاوِيَةٌ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَادَ بِإِنْهَاشِ الْأَفْعَى لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَفْعَى مَوْجُودَةً لَمْ يُعْدَلْ إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ فُقِدَتِ الْتُمِسَ مِثْلُهَا، فَإِنْ نَهَشَتْهُ فَمَاتَ فَقَدِ اسْتَوْفَى، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعَادُ عَلَيْهِ نَهَشُهَا حَتَّى يَمُوتَ.

وَالثَّانِي: يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.

فَأَمَّا إِذَا حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ مَعَ سَبُعٍ حَتَّى افْتَرَسَهُ فَهَذَا قَاتِلٌ، لِأَنَّ ضَرَاوَةَ السَّبُعِ طَبْعٌ لَا تَزُولُ فِي الْأَغْلَبِ، وَفِي الْقَوَدِ مِنْهُ بِإِضْرَارِ السَّبُعِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي نَهْشَةِ الْأَفْعَى لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ فِي الْجِنَايَةِ وَالْقودِ، وَيُمْنَعُ السَّبُعُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ لِحُرْمَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رحمه الله: " وكذا قال لو غرقه في الماء وكذلك يلقيه في مهواة في البعد أو مثل سدة الأرض وكذا عدد الضرب بالصخرة فإن مات وإلا ضربت عنقه فالقياس على ما مضى في أول الباب أن يمنعه الطعام والشراب حتى يموت كما قال في النار والحجر والخنق بالحبل حتى يموت إذا كان ما صنع به من المتلف الوحي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>