الرِّبَا وَلَوْ دَخَلَهُ الرِّبَا إِذَا كَانَ ذَهَبًا لَدَخَلَهُ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ وَرِقًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ مِائَةُ دِينَارٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِينَارٍ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَحْظُورَ الِاسْتِعْمَالِ كَالْأَوَانِي فَفِي ضَمَانِ صِيَاغَتِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي إِبَاحَةِ ادِّخَارِهِمَا.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ادِّخَارَهَا مَحْظُورٌ وَصِيَاغَتُهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ لَا تُقَرُّ فَلَمْ تُضْمَنْ كَصَنْعَةِ الطُّنْبُورِ وَالْمِزْمَارِ لَا تُضَمَنُ بِالنَّقْصِ فِي الْإِبْطَالِ فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا مِنْ جِنْسِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ادِّخَارَهَا مُبَاحٌ وَصِنَاعَتَهَا مَضْمُونَةٌ فَعَلَى هَذَا فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهَا وجهان عَلَى مَا مَضَى.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ نَاقِصًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَيَوَانًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَيَوَانٍ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَيَوَانٍ فَالنَّقْصُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أحدهما: أن يكون متميزاً كالحنطة بتلف بَعْضُهَا أَوْ كَالثِّيَابِ يَتْلَفُ ثَوْبٌ مِنْهَا أَوْ ذِرَاعٌ مِنْ جُمْلَتِهَا فَيَكُونُ ضَامِنًا لِلنَّقْصِ بِالْمِثْلِ إِنْ كَانَ ذَا مِثْلٍ وَبِالْقِيمَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا مِثْلٍ وَيُرَدُّ الْبَاقِي بِعَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّالِفُ أَكْثَرَ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَقَلَّهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ كَثَوْبٍ شَقَّهُ أَوْ إِنَاءٍ كَسَرَهُ أَوْ رَضضهُ فَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ مِنْهُ أَقَلَّ مَنَافِعِهِ أَخَذَهُ وَمَا يَنْقُصُ مِنْ قِيمَتِهِ إِجْمَاعًا فَيَقُومُ صَحِيحًا فَإِذَا قِيلَ مِائَةُ دِرْهَمٍ قُوِّمَ مُمَزَّقًا أَوْ مَكْسُورًا فَإِذَا قِيلَ سِتُّونَ دِرْهَمًا فَنَقَصَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَيَأْخُذُهُ مُمَزَّقًا أَوْ مَكْسُورًا وَيَأْخُذُ مَعَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ أَكْثَرَ مَنَافِعِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَارَ بَعْدَ النَّقْصِ يُسَاوِي دِرْهَمًا أَخَذَهُ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا. وَهَكَذَا لَوْ تَمَزَّقَ الثَّوْبُ وَتَرَضَّضَ الْإِنَاءُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمَا قِيمَةٌ أَخَذَ قِيمَتَهَا كَامِلَةً وَأَخَذَ الْمَرْضُوضَ وَالْمُمَزَّقَ وَلَمْ يَمْلِكْهُ الْغَاصِبُ مَعَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ.
وَقَالَ مالك يكون المالك مُخَيَّرًا بَيْنَ تَسْلِيمِهِ إِلَى الْغَاصِبِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ بِهِ نَاقِصًا وَلَا أَرْشَ لَهُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: يَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ نَقْصِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْغَاصِبِ وَيَرْجِعَ بجميع قيمته.