للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ، وَفِي الْمَاءِ إِذَا اخْتَلَطَ بِمَائِعٍ، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِمَا مَشَقَّةً فَرُوعِيَ حُكْمُ أَغْلَبِهِمَا تَخْفِيفًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ يُعْتَبَرَانِ مَعًا وَيُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ بِحِسَابِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْجَبَ الْعُشْرَ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَنِصْفَ الْعُشْرِ فِيمَا سَقَتْهُ النَّوَاضِحُ، فَوَجَبَ أَنْ يُعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْحُكْمَيْنِ عَلَى مَا عَلَّقَهُ عَلَيْهِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي اعْتِبَارِ حُكْمِ الْأَغْلَبِ تَغْلِيبٌ لِحُكْمِ الْأَقَلِّ عليه، وذلك غير جائز، ولأنه لما اعتبر فِي الزَّرْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَا فِي الزَّرْعِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِنْ كَانَ ثُلُثُ سَقْيِهِ بِالسَّيْحِ وَثُلُثَا سَقْيِهِ بِالنَّضْحِ فَفِيهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ سَقْيِهِ بِالنَّضْحِ وَثُلُثَا سَقْيِهِ بِالسَّيْحِ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ، ثُمَّ عَلَى هَذِهِ الْعِبْرَةِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ واعتبار ذلك بأعداد السقيات التي يحيي الزَّرْعُ بِهَا، فَإِذَا سُقِيَ بِالسَّيْحِ خَمْسُ سَقْيَاتٍ وَبِالنَّضْحِ عَشْرُ سَقْيَاتٍ كَانَ ثُلُثُهُ بِالسَّيْحِ وَثُلُثَاهُ بالنضح.

[فصل]

: وإن جهل قدر السقيتين وَشَكَّ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ وَيَشُكّ فِي أَيِّهِمَا هُوَ الأكثر وإن قِيلَ بِمُرَاعَاةِ الْأَغْلَبِ وَاعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَإِنْ قِيلَ بِمُرَاعَاتِهِمَا وَاعْتِبَارِ حسابهما، قلنا عَلَى يَقِينٍ مِنْ قَدْر وَاجِبِهِ، غَيْرَ أَنَّنَا نعلم أنه ينقص عن العشر ويزيد عن نصف العشر، فيأخذ قدر اليقين ويتوقف على الْبَاقِي حَتَّى يَسْتَبِينَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشُكَّ هَلْ هما سَوَاءٌ أَوْ أَحَدُهُمَا أَكَثُرُ، فَإِنْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَإِنْ قِيلَ: بِاعْتِبَارِهِمَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ. فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، لِأَنَّهُ أَعْدَلُ الْحَالَيْنِ وَأَثْبَتُ لِحُكْمِ السَّقْيَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُؤْخَذُ زِيَادَةٌ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ قَدْرُ الْيَقِينِ وَيُتَوَقَّفُ عَنِ الْبَاقِي حَتَّى يَسْتَبِينَ اعْتِبَارًا بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَإِسْقَاطًا لِحُكْمِ الشَّكِّ، فَأَمَّا زَرْعُ النَّوَاضِحِ إِذَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، فَلَوِ اخْتَلَفَ رب المال والوالي وادعى الْوَالِي مَا يُوجِبُ كَمَالَ الْعُشْرِ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ مَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذِهِ اليمين استظهار، لأنها لا تُطَابِقُ ظَاهِرَ الدَّعْوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَأَخْذُ الْعُشْرِ أَنْ يُكَالَ لِرَبِّ الْمَالِ تِسْعَةٌ وَيَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ الْعَاشِرَ وَهَكَذَا نِصْفُ الْعُشْرِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>