بَابُ بَيَانِ إِفْرَادِ الْحَجِّ عَنِ الْعُمْرَةِ وَغَيْرِ ذلك
قال الشافعي رضي الله عنه فِي مُخْتَصَرِ الْحَجِّ:" وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ لِأَنَّ الثَّابِتَ عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْرَدَ وَقَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ إِنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " (قال الشافعي) ومن قال إنه أفرد الحج يشبه أن يقول قاله على ما يعرف من أهل العلم الذي أدرك وفد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ أَحَدًا لَا يَكُونُ مُقِيمًا عَلَى حَجٍّ إلا وقد ابتدأ إحرامه بحج وأحسب عروة حين حدث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحرم بحج ذهب إلى أنه سمع عائشة تقول يفعل في حجه على هذا المعنى وقال فيما اختلفت فيه الأحاديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في مخرجه لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ أَيْسَرَ مِنْ هَذَا وإن كان الغلط فيه قبيحاً من جهة أنه مباح لأن الكتاب ثم السنة ثم ما لا أعلم فيه خلافاً يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسعٌ كله وثبت أنه خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو فيما بين الصفا والمروة وأمر أصحابه أن من كان منهم أهل ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة وقال " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سقت الهدي ولجعلتها عمرة " (فإن قال قائلٌ) فمن أين أثبت حديث عائشة وجابر وابن عمر وطاوس دون حديث من قال قرن؟ (قيل) لتقدم صحبة جابر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحسن سياقه لِابْتِدَاءِ الْحَدِيثِ وَآخِرِهِ وَلِرِوَايَةِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفَضْلِ حِفْظِهَا عَنْهُ وَقُرْبِ ابْنِ عُمَرَ مِنْهُ ولأن من وصف انتظار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - القضاء إذ لم يحج من المدينة بعد نزول فرض الحج طلب الاختيار فيما وسع الله من الحج والعمرة يشبه أن يكون أحفظ لأنه قد أتى في المتلاعنين فانتظر القضاء كذلك حفظ عنه في الحج ينتظر القضاء (قال المزني) إن ثبت حديث أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قرن حتى يكون معارضاً للأحاديث سواه فأصل قول الشافعي أن العمرة فرض وأداء الفرضين في وقت الحج أفضل من أداء فرضٍ واحدٍ لأن من كثر عمله لله كان أكثر في ثواب اللَّهُ ".