[(باب موضع اليمين)]
[(مسألة)]
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " مَنِ ادَّعَى مَالًا فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا أَوِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ أَوْ جِنَايَةُ خَطَأٍ بِأَنْ بَلَغَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوِ ادَّعَى عَبْدٌ عِتْقًا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوِ ادَّعَى جِرَاحَةَ عَمْدٍ صَغُرَتْ أَوْ كَبُرَتْ أَوْ فِي طَلَاقٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ رَدِّ يَمِينٍ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَكَّةَ كَانَتِ الْيَمِينُ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أُحْلِفَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي مَسْجِدِ ذَلِكَ الْبَلَدِ بِمَا تُؤَكَّدُ بِهِ الْأَيْمَانُ وَيُتْلَى عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قليلا} الْآيَةَ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ حُكَّامِ الْمَكِّيِّينَ وَمُفْتِيهِمْ ومن حجتهم فيه أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَأَى قَوْمًا يحلفون بين المقام والبيت فَقَالَ أَعْلَى دَمٍ؟ قَالُوا لَا قَالَ أَفَعَلَى أمر عظيم؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ قال فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا قال ابن أبي مليكة كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي جَارِيَتَيْنِ ضَرَبَتْ إحداهما الأخرى أَنْ أَحْبِسَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَقْرَأَ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قليلا} ففعلت فاعترفت قال واستدللت بقول الله جل ثناؤه {تحبسونهما من بعد الصلاة} قال المفسرون صلاة العصر على تأكيد اليمين على الحالف في الوقت الذي تعظم فيه اليمين وبكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يحلف عند المنبر مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما بلغني أن عمر حلف عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في خصومة بينه وبين رجل وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها وقال أخاف أن توافق قدر بلاء فيقال بيمينه قال وبسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه وأهل العلم ببلدنا دار السنة والهجرة وحرم الله عز وجل وحرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقتدينا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْأَيْمَانُ مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ، حَتَّى لَا يَتَعَدَّى طَالِبٌ، وَلَا مَطْلُوبٌ، فَجَازَ تَغْلِيظُهَا بِمَا سَاغَ فِي الشَّرْعِ مِنَ التَّغْلِيظِ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، وَالْعَدَدِ، وَاللَّفْظِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute