للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مَا عَهِدَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَ آخِرِ عَهِدِهِ بِالدُّنْيَا وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ حَجْرَ الْمَرِيضِ يَخْتَصُّ بِالْوَارِثِ دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَصَّ بِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ لِاخْتِصَاصِهِ بِبُطْلَانِ الْعَطِيَّةِ لَاقْتَضَى أَنْ يَبْطُلَ إِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ فِيمَا جَاوَزَ الثُّلُثَ كَمَا بَطَلَتْ عَطِيَّتُهُ فِيمَا جَاوَزَ الثُّلُثَ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ إِقْرَارِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَعَطِيَّتِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ دَلِيلٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الْوَارِثِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَقَدِ اخْتَلَفُوا هَلْ يُرَاعَى كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ وَارِثًا عِنْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ عِنْدَ الْوَفَاءِ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُرَاعَى فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا عِنْدَ الْإِقْرَارِ لِاقْتِرَانِ التُّهْمَةِ بِالْإِقْرَارِ لَا بِمَا يَحْدُثُ عِنْدَ الْوَفَاةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة وَمَالِكٌ يُرَاعَى فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا عِنْدَ الْوَفَاةِ لَا عِنْدَ الْإِقْرَارِ، لِأَنَّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا، وَلِأَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الْوَفَاةِ فِي تَقْدِيرِ ثُلُثِهِ وَنُفُوذِ عَطِيَّتِهِ فَكَذَلِكَ فِي إِقْرَارِهِ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ وَارِثُهُ أَخًا فَأَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ وَلَمْ يَمُتْ حَتَّى حَدَثَ لَهُ ابْنٌ حَجَبَ الْأَخَ فَهَذَا إِقْرَارٌ لِغَيْرِ الْوَارِثِ فَيَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْوَفَاةِ.

وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَكُونُ إِقْرَارًا لِوَارِثٍ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِقْرَارِ فَيَكُونُ بَاطِلًا.

وَلَوْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ لَمْ يَمُتِ الْمُقِرُّ حَتَّى مَاتَ الِابْنُ فَصَارَ الْأَخُ وَارِثًا، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَكُونُ إِقْرَارًا لِوَارِثٍ فَيَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ فِي الْقَوْلَيْنِ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَكُونُ إِقْرَارًا لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَصِحُّ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَفِي مِيرَاثِهِ قَوْلَانِ: -

أَحَدُهُمَا: لَا يَرِثُ إِذَا قِيلَ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُ يُوجِبُ رَدَّ الْإِقْرَارِ لَهُ، وَرَدُّ الْإِقْرَارِ يُبْطِلُ الْحُرِّيَّةَ وَيُسْقِطُ الْإِرْثَ فَأَثْبَتَ الْحُرِّيَّةَ بِثُبُوتِ الْإِقْرَارِ وَسَقَطَ الْإِرْثُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَرِثُ إِذَا قِيلَ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ مَقْبُولٌ فَيَكُونُ الْعِتْقُ نَافِذًا بِإِقْرَارِهِ وَالْإِرْثُ ثَابِتًا بِنَسَبِهِ وَلَا يَرْتَفِعُ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْأَمَةِ وَلَدُهُ مِنْهَا وَلَا مَالَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>