أَحَدُهَا: مَا كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِمْ وَشَرْعِنَا، فَهُمْ مُقَرُّونَ عَلَيْهِ فِي دِينِهِمْ إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا فِيهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ بَاطِلًا فِي شَرْعِهِمْ وَشَرْعِنَا، فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْهُ، إِذَا ظَهَرَ لَنَا؛ لِأَنَّهُمْ أُقِرُّوا فِي دَارِنَا عَلَى مُقْتَضَى شَرْعِهِمْ
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِنَا بَاطِلًا فِي شَرْعِهِمْ، فَيُقَرُّونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِيهِ عَلَى حَقٍّ، وَفِيمَا عَدَاهُ بَاطِلٌ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا كَانَ بَاطِلًا فِي شَرْعِنَا جَائِزًا فِي شَرْعِهِمْ فَإِنْ تَحَاكَمُوا فِيهِ إِلَيْنَا أَبْطَلْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا فِيهِ إِلَيْنَا تَرَكْنَاهُ إِنْ أَخْفَوْهُ فَإِنْ أَظْهَرُوهُ لَنَا فَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ، كَالْمَنَاكِحِ الْفَاسِدَةِ، وَالْبُيُوعِ الْبَاطِلَةِ، فَيُقَرُّونَ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ، كَالتَّظَاهُرِ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِابْتِيَاعِ الْخُمُورِ، وَالْخَنَازِيرِ، فَيُمْنَعُونَ، وَيُعَزَّرُونَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ تَمْنَعُ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْمُنْكَرَاتِ.
وَفِي نَسْخِ عُقُودِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا فِيهَا إِلَيْنَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تُفْسَخُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُجَاهَرَةَ ظُهُورُ مُنْكَرٍ مِنْهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا لَا تُفْسَخُ عَلَيْهِمْ، وَيُتْرَكُونَ فِي عَقْدِهَا عَلَى مَا يَرَوْنَهُ فِي دِينِهِمْ؛ لِأَنَّ تَجَاهُرَهُمْ بِالْكُفْرِ الَّذِي يُقَرُّونَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ.
فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِأَفْعَالِهِمْ مِنْ دُخُولِ ضَرَرٍ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ دِينًا؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ إِبَاحَةَ دِمَاءِ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَلَا يُقَرُّونَ عَلَى اسْتِبَاحَتِهَا فَكَذَا كُلُّ مَضَرَّةٍ.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةُ رَجُلٍ مِنْهُمْ تَسْتَعِدِي بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ آلَى مِنْهَا حَكَمْتُ عَلَيْهِ حُكْمِي على المسلمين وأمرته في الظهار أن لا يقربها حتى يكفر رقبة مؤمنة كما يؤدي الواجب من حد وجرح وأرش وإن لم يكفر عنه وأنفذ عتقه ولا أفسخ نكاحه لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عفا عن عقد ما يجوز أن يستأنف ورد ما جاوز العدد إلا أن يتحاكموا وهي في عدة فنفسخه وهكذا كل ما قبض من ربى أو ثمن خمر أو خنزير ثم اسلما أو أحدهما عفي عنه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ إِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ مَا اسْتَعْدَتْ فِيهِ عَلَى زَوْجِهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِمْ أَوْ مِنْ مباحاته