رَجُلًا لِطَلَبِهَا فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا وَجَبَتْ أُجْرَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ طَالَبَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِاسْتِئْجَارِ غَيْرِهِ فَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِطَلَبِهِ فَإِنِ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مالكها لطلبها بأجرة مسماة ففيه وجهان:
أحدها: أَنَّ الْإِجَارَةَ جَائِزَةٌ وَلَهُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِأَنَّهُ مالك لمنافع نفسه فيملك املعاونة عَلَيْهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِهِ بِعِوَضٍ عَلَى غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
: فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا عُدُولٌ عَنْ طَلَبِ الْمَغْصُوبِ إِلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أقسام:
أحدهما: أَنْ يَبْذُلَهَا الْغَاصِبُ وَيَمْتَنِعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَطْلُبَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَيَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ.
القسم الثَّالِثُ: أَنْ يَتَّفِقَ عَلَيْهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَالْغَاصِبُ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَبْذُلَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَيُطَالِبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِعَبْدِهِ وَيَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى طَلَبِهِ وَالْتِزَامِ مُؤْنَتِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِهِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَطْلُبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَيَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ مِنْ بَذْلِهَا لِيَرُدَّ الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ فَيُنْظَرَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ يُقْدَرُ عَلَى رَدِّهِ بَعْدَ زَمَانٍ يَسِيرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يُقْدَرُ عَلَى رَدِّهِ إِلَّا بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ لَهُ لِيَتَعَجَّلَ مَا اسْتَحَقَّهُ عَاجِلًا فَإِذَا أخذ القيمة ملكها ملكاً مستقر وملك الغاصب العبد ملكاً مراعاً ليتملكه بعد القدرة عليه إن شاء أن يتوصل به إلى أخذ اأجبر عَلَى دَفْعِهِ مِنَ الْقِيمَةِ إِنْ شَاءَ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ بِالْأَعْوَاضِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فَهُوَ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ لَمَّا مَلَكَ الْخِيَارَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الِانْتِهَاءِ، وَالْغَاصِبَ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَلَكَهُ فِي الِانْتِهَاءِ فَإِنِ اخْتَارَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ استقر حينئذ لكه عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ طَلَبَ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَخْتَرْ تَمَلُّكَهُ قِيلَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِنْ رَدَدْتَ الْقِيمَةَ عَادَ الْعَبْدُ إِلَيْكَ وَلَا أُجْرَةَ لَكَ فِيمَا مَضَى لِأَنَّكَ تَمْلِكُهُ الْآنَ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا وَإِنِ امْتَنَعْتَ عَنْ رَدِّ الْقَيِّمَةِ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى رَدِّهَا لِأَنَّكَ قَدْ مَلَكْتَهَا وَبِيعَ الْعَبْدُ لِيَأْخُذَ الْغَاصِبُ مِنْ ثَمَنِهِ مَا دَفَعَهُ مِنَ الْقِيمَةِ فَإِذَا بِيعَ لَمْ يَخْلُ الثَّمَنُ مِنْ ثَلَاثَةِ أحوال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute