للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا بِيَدِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ كَانَ عقد المفلس جائزا فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَخَالَفَ النِّكَاحُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ مُوكِسٌ لِثَمَنِهِ فَمُنِعَ مِنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الشِّرَاءُ. (وَكَذَا) الْحُكْمُ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتِرَاضِهِ إِذَا كَانَ عَنْ غَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ وَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْقَرْضِ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْقَرْضِ، فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ عُقُودِهِ كَانَ ضَمَانُهُ لَازِمًا فِي ذِمَّتِهِ يُوَجَّهُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ وَقَدِ اسْتَفَادَ مَا ابْتَاعَهُ وَاقْتَرَضَهُ، وَكَانَ ضَامِنًا لِثَمَنِ مَا ابْتَاعَ وَمِثْلُ مَا اقْتَرَضَ فِي ذِمَّتِهِ يُؤَدِّيهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ، وَلِلسَّيِّدِ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ ما استفاده البعد مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ.

فَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ برقه الْعَبْدِ فَأَرَادَ الْفَسْخَ حِينَ عَلِمَ بِرِقِّهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ تَأْخِيرِ الثَّمَنِ إِلَى حِينِ عِتْقِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمُفْلِسِ.

وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ بِرِقِّهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ.

فَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عُقُودِهِ كَانَ ضَمَانُهُ بَاطِلًا وَابْتِيَاعُهُ فَاسِدًا وَاقْتِرَاضُهُ مَرْدُودًا وَعَلَى الْعَبْدِ رَدُّ مَا ابْتَاعَهُ وَاقْتَرَضَهُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ تَلِفَ مِنْ يَدِ الْعَبْدِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ فِي ذمته لا فِي رَقَبَتِهِ، يُؤَدِّيهِ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا وَاسْتَدَانَ الْعَبْدُ دَيْنًا لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَانَتِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ عَنْ مُعَامَلَاتِهِ ثَابِتَةً فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِيمَا بِيَدِهِ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَقَدَرَ السَّيِّدُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ مِمَّنْ صَارَ إِلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ غُرْمِ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهِ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ مَالٌ.

وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مأذون لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَضَى دُيُونَ مُعَامَلَاتِهِ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِأَنَّ إِذْنَهُ لِلتِّجَارَةِ إِذْنٌ بِهِ وَبِمَوْجِبِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ قَضَاءِ دُيُونِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ بَعْدَ الضَّمَانِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ. فَلَوْ كَانَتْ دُيُونُهُ أَلْفًا وَبِيَدِهِ أَلْفَانِ فَأَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ الْفَاضِلَةَ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ لأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>