للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جوف وذلك أنها تفطر الصائم والآخر أن ما وصل إلى الدماغ كما وصل إلى المعدة لأنه يغتذي من المعدة وليس كذلك الحقنة (قال المزني) رحمه الله قد جعل الحقنة في معنى من شرب الماء فأفطر فكذلك هو في القياس في معنى من شرب اللبن وإذ جعل السعوط كالوجور لأن الرأس عنده جوف فالحقنه إذا وصلت إلى الجوف عندي أولى وبالله التوفيق ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْحُقْنَةُ بِاللَّبَنِ أَنْ تُوَصَّلَ إِلَى دُبُرِهِ، وَفِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَالسُّعُوطِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فِي إِفْطَارِ الصَّائِمِ بِهِ كَالسُّعُوطِ، وَكَذَلِكَ فِي تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ بِمَثَابَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ السُّعُوطُ كَالْوُجُورِ، لِأَنَّ الرَّأْسَ جَوْفٌ، وَالْوَاصِلَ مِنَ الدُّبُرِ، وَاصِلٌ إِلَى الْجَوْفِ فَكَانَ بِالتَّحْرِيمِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ أَحَقَّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الرَّضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ " وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي الْحُقْنَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ لِلْإِسْهَالِ وَإِخْرَاجِ مَا فِي الْجَوْفِ فخالفت حكم ما يصل إلى جوف ".

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الْمُزَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَأَدْخَلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ قَالَ إِنْ كَانَ مَا خَلَطَ بِاللَّبَنِ أَغْلَبَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ الْأَغْلَبَ حَرُمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ خَلَطَ حَرَامًا بِطَعَامٍ وَكَانَ مُسْتَهْلَكًا فِي الطَّعَامِ أَمَا يَحْرُمُ فَكَذَلِكَ اللَّبَنُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا شِيبَ اللَّبَنُ بِمَائِعٍ اخْتَلَطَ بِهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ خَلٍّ أَوْ خَمْرٍ ثَبَتَ بِهِ التَّحْرِيمُ غَالِبًا كَانَ أَوْ مَغْلُوبًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شِيبَ اللَّبَنُ بِجَامِدٍ كَالدَّقِيقِ وَالْعَصِيدِ فَأَكَلَهُ ثَبَتَ بِهِ التَّحْرِيمُ غَالِبًا كَانَ أَوْ مَغْلُوبًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنِ اخْتَلَطَ بِمَائِعٍ نَشَرَ الْحُرْمَةَ إِنْ كَانَ غَالِبًا، وَلَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ إِنْ كَانَ مَغْلُوبًا، وَإِنِ اخْتَلَطَ بِجَامِدٍ لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ سَوَاءٌ كَانَ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: نَشَرَ الْحُرْمَةَ إِذَا كَانَ غَالِبًا سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِمَائِعٍ أَوْ بِجَامِدٍ، وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إِنْ كَانَ مَغْلُوبًا وَحَكَى الْمُزَنِيُّ نَحْوَهُ اسْتِدْلَالًا عَلَى اعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>