أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، بِاللَّهِ أَنَّ الْأَلْفَ حَالَّةٌ، وَيَصِيرُ سَالِمٌ رَهْنًا فِي أَلْفِ حَالَّةٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ: بِاللَّهِ أَنَّ الْأَلْفَ مُؤَجَّلَةٌ، وَيَصِيرُ سَالِمٌ رَهْنًا فِي أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، هَلْ يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي الْأَجَلِ أَمْ لَا؟ فَهَذَا حُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَقِّ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الرَّهْنِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي أَصْلِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي قَدْرِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي صِفَتِهِ وَعَيْنِهِ، فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْحَقِّ، رَهَنْتَنِي عَبْدَكَ سَالِمًا بِالْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْكَ، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، مَا رَهَنْتُكَ سَالِمًا وَلَا غَيْرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِاللَّهِ مَا رَهَنَهُ سَالِمًا، وَيَصِيرُ الْأَلْفُ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ فَصُورَتُهُ، أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْحَقِّ: بِعْتُكَ دَارِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا عَبْدَكَ سَالِمًا، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: بِعْتَنِي دَارَكَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا رَهْنَ بِهَا، فَيَتَحَالَفَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ. فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي شِرَاءَ الدَّارِ بِلَا رَهْنٍ، وَالْبَائِعُ يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي عَقْدَ الرَّهْنِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَيَبْدَأُ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ يَمِينَهُ لِإِنْكَارِ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَيَمِينَ الْبَائِعِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الرَّهْنِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: وَاللَّهِ لَقَدِ اشْتَرَيْتُهَا بِلَا رَهْنٍ. ثُمَّ يَحْلِفُ الْبَائِعُ، بِاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهَا بِرَهْنٍ، فَإِذَا حَلَفَا جَمِيعًا خَرَجَ الْعَبْدُ مِنَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ، وَكَانَ بِالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ إِمْضَائِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَبَيْنَ فَسْخِهِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، خَرَجَ الْعَبْدُ مِنَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ، وَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي، كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ أَيْضًا.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute