للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمِيرَاثَ وَسَهْمَ ذِي الْقُرْبَى عَطِيَّتَانِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْوَصَايَا عَطِيَّةٌ مِنْ آدَمِيٍّ تَقِفُ عَلَى خِيَارِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ فِي ذِي الْقُرْبَى نُصْرَةً هِيَ بِالذُّكُورِ أَخَصُّ فَجَازَ أَنْ يَكُونُوا بِهَا أَفْضَلَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْوَصَايَا ثم لاحظ لأولاد الإناث فيه إذا لم يكن أبائهم مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى، لِأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ فِي النَّسَبِ إِلَى الْآبَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى.

فَصْلٌ:

وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ الذُّكُورِ وَيُسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ الْإِنَاثِ وَيُفَضَّلَ الذُّكُورُ عَلَى الْإِنَاثِ، وَيُسَوَّى بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَبَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي وَبَيْنَ الْعَدْلِ وَالْبَاغِي كَمَا يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَعْطَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْضَهُمْ مِائَةَ وَسْقٍ، وَبَعْضَهُمْ أَقَلَّ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ ذَا وَلَدٍ فَإِذَا أَعْطَاهُ حَظَّهُ وَحَظَّ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعْطَاهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قُسِّمَ سَهْمُهُمْ عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَرَأْيِهِ فِي التَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ كَمَا يُقَسَّمُ سَهْمُ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ عَلَى اجْتِهَادِهِ؟ قِيلَ: لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَأْخُذُونَ سَهْمَهُمْ بِالْحَاجَةِ الَّتِي قَدْ تَخْتَلِفُ فِيهِمْ فَجَازَ أَنْ يُفَضِّلَ بَيْنَهُمْ لِأَجْلِهَا وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى لِلْقَرَابَةِ الَّتِي قَدْ صَارُوا فِيهَا سَوَاءً فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِأَجْلِهَا.

فَصْلٌ:

وَالْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مِنْ غَنَائِمِ جَمِيعِ الثُّغُورِ مَقْسُومٌ بَيْنَ جَمِيعِ ذوي القربى في جميع الأقليم.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: يُقَسِّمُ سِهَامَهُمْ مِنْ غَيْرِ كُلِّ ثَغْرٍ فِي إِقْلِيمِ ذَلِكَ الثَّغْرِ الَّذِينَ هُمْ بِالْجِهَادِ فِيهِ أَخَصُّ، وَلَا يَنْتَقِلُ سَهْمُهُمْ مِنْ غَنَائِمِ ثَغْرِ الْمَشْرِقِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ لِيُحَالَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ عَلَى غَنَائِمِ الثَّغْرِ الَّذِي فِي إِقْلِيمِهِمْ فَيَكُونُ أَسْهَلَ كما يحال ثغر كل بلد على ذكواته وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى إِعْطَاءِ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ خَطَأٌ يُخَالِفُ نَصَّ الْآيَةِ وَخَالَفَ سَهْمَ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ إِعْطَاءُ بَعْضِ فُقَرَاءِ الْبَلَدِ دُونَ جَمِيعِهِمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى، جَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهَا فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْبَلَدِ بِخِلَافِ ذَوِي الْقُرْبَى.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا نُقِلَ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى وَغَنِيمَةُ الثَّغْرِ إِلَى بِلَادِ ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَجَبَ نَقْلُهُ إِلَى جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.

وَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْغَنِيمَةِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هُوَ أَنَّ فِي كُلِّ الْبِلَادِ زَكَوَاتٍ وَفُقَرَاءَ، فَجَازَ أَنْ يُحَالَ فُقَرَاءُ كُلِّ بَلَدٍ عَلَى زَكَوَاتِهِ وَلَيْسَ لِكُلِّ بَلَدٍ غَنِيمَةٌ وَلَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>