(بَابُ مَا يَكُونُ ظِهَارًا وَمَا لَا يَكُونُ ظهاراً)
[(مسألة:)]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: (الظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ قَالَ أَنْتِ مِنِّي أَوْ أَنْتِ مَعِي كَظَهْرِ أُمِّي وَمَا أَشْبَهَهُ فَهُوَ ظِهَارٌ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَهُوَ الظِّهَارُ عُرْفًا وَاشْتِقَاقًا فَإِنْ قَالَ أَنْتِ مِنِّي أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا، لِأَنَّ هَذِهِ حُرُوفٌ يَقُومُ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ فَلَمْ يَخْرُجْ فِي الظِّهَارِ عَنْ حُكْمِ الصَّرِيحِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ قَالَ فَرْجُكِ أَوْ رَأْسُكِ أَوْ ظَهْرُكِ أَوْ جِلْدُكِ أَوْ يَدُكِ أَوْ رِجْلُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ هَذَا ظِهَارًا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قَوْلُهُ: بَدَنُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ نَفْسُكِ أَوْ ذَاتُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَقَوْلِهِ أنت علي كظهر أمي يكون (بها) مُظَاهِرًا وَهِيَ أَلْفَاظٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ بَدَنِهَا فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَأَمَّا إِذَا ظَاهَرَ مِنْ بَعْضِ جَسَدِهَا كَقَوْلِهِ فَرْجُكِ أَوْ رَأْسُكِ أَوْ يَدُكِ أَوْ رِجْلُكِ أو ظهرك (أو جلدك) عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ ظِهَارًا مِنْهَا جَمِيعًا كَالطَّلَاقِ إِذَا أَوْقَعَهُ عَلَى بَعْضِ جَسَدِهَا وَقَعَ عَلَى جَمِيعِهَا وَسَوَاءً كَانَ الْعُضْوُ الَّذِي ظَاهَرَ مِنْهُ قَدْ تَحْيَا بِفَقْدِهِ كَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ أَوْ مِمَّا لَا تَحْيَا بِفَقْدِهِ كَالرَّأْسِ وَالْبَطْنِ. وَعَلَى قول أبي حنفية لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إِلَّا بِالْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا تَحْيَا بِفَقْدِهَا كَالطَّلَاقِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ وَذَكَرْنَا مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ مَا أَقْنَعَ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ كَيَدِهَا كَانَ هَذَا ظِهَارًا لِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِكُلِّ أُمِّهِ مُحَرَّمٌ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَمَّا مَعْهُودُ الظِّهَارِ عُرْفًا وَشَرْعًا فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَيُشَبِّهُهَا بِظَهْرِ أُمِّهِ، فَإِذَا شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرَأْسِ أَوْ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَيَدِ أمي أو كرجل أمي أو كفرج أُمِّي فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ بِكُلِّ ذَلِكَ مُظَاهِرًا تَعْلِيلًا بِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِكُلِّ أُمِّهِ مُحَرَّمٌ كَالظَّهْرِ وَهَكَذَا لَوْ شَبَّهَ عُضْوًا من زوجته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute