للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فَأَمَّا الصَّحِيحُ: فَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ مِنْ وَاجِبٍ مَعْلُومٍ.

- وَأَمَّا الْفَاسِدُ: فَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ فاسد؛ لأنه الْفَاسِدَ لَا يَجِبُ، فَصَارَ إِبْرَاءً مِنْ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَالْوَاجِبُ لَهَا فِي الْفَاسِدِ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَوْ سَلَّمَ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ إِلَيْهَا فَرَدَّتْهُ عَلَيْهِ هِبَةً لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ رَدَّتْهُ عَلَيْهِ وَهِيَ عَلَى حَقِّهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ رُوعِيَ عِلْمُهَا بِقَدْرِهِ، فَإِنْ جَهِلَتْ قَدْرَهُ فَالْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ قَدْرَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ عَلِمَتْ قَدْرَهُ صَحَّ الْإِبْرَاءُ، سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ قَدْرَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَكَانَ عِلْمُهُ بِقَدْرِهِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ.

وَعَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَبُولَ الزَّوْجِ مُعْتَبَرٌ فَعِلْمُهُ بِقَدْرِهِ مُعْتَبَرٌ،

فَصْلٌ

فَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا لَا يَنْقُصُ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَجَهِلَتِ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ جَمِيعِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَفِي بَرَاءَتِهِ مِنَ الْعَشْرَةِ الْمَعْلُومَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهَا لِكَوْنِهَا مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْرَأُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ جُمْلَةٍ مَجْهُولَةٍ فَجَرَى عَلَى جَمِيعِهَا حُكْمُ الْجَهَالَةِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ مَا يَعْلَمُ بَعْضَهُ وَيَجْهَلُ جَمِيعَهُ كَانَ ضَمَانُ الْجَمِيعِ بَاطِلًا.

فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مَجْهُولَ الْقَدْرِ مَعْلُومَ الطَّرَفَيْنِ، مِثْلَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا فَلِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ حَالَانِ.

حَالٌ بِالْإِبْرَاءِ، وَحَالٌ بِالْأَدَاءِ.

فَأَمَّا الْإِبْرَاءُ: فَالطَّرِيقُ إِلَى صِحَّتِهِ أَنْ تَقُولَ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ دِينَارٍ إِلَى عِشْرِينَ دِينَارًا، فَيَبْرَأُ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالطَّرَفَيْنِ يَجْعَلُ الْوَسَطَ مُلْحَقًا بِهِمَا فَلَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشْرَةِ إِلَى الْعِشْرِينَ صَحَّ وَصَارَ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَهْرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ.

فَلَوْ قَالَتْ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ عَشْرَةٍ إِلَى عِشْرِينَ بَرِئَ مِنَ الْجَمِيعِ، لِأَنَّ الْحَدَّيْنِ يَدْخُلَانِ فِي الْمَحْدُودِ إِذَا جَانَسَاهُ، فَالْحَدُّ الْأَوَّلُ: هُوَ الْمُبْتَدَأُ مِنْهُ، وَالْحَدُّ الثَّانِي: هُوَ الْمُنْتَهَى إِلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَدْخُلُ فِيهِ الْحَدُّ الْأَوَّلُ الْمُبْتَدَأُ مِنْهُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَدُّ الثَّانِي الْمُنْتَهَى إِلَيْهِ، فَيَبْرَأُ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا.

وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنَ الْحَدَّيْنِ، لَا الْمُبْتَدَأُ مِنْهُ وَلَا الْمُنْتَهَى إِلَيْهِ فَيَبْرَأُ مِنْ تِسْعَةِ دَنَانِيرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>