للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب العارية]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكُلُّ عاريةٍ مضمونةٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ تَلَفَتْ من غير فعله استعار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ صَفْوَانَ سِلَاحَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عاريةٌ مضمونةٌ مؤداةٌ " وقال من لا يضمن العارية فإن قلنا إذا اشترط المستعير الضمان ضمن قلت إذا تترك قولك قال وأين؟ قلت ما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أو المضارب الضمان أهو ضامنٌ؟ قال لا يكون ضامناً قلت فإن اشترط على المستسلف أنه غير ضامنٍ أيبرأ؟ قال لا قلت ويرد ما ليس بمضمونٍ إلى أصله وما كان مضموناً إلى أصله ويبطل الشرط فيهما؟ قال نعم قلت وكذلك ينبغي أن تقول في العارية وكذلك شرط النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا يشترط أنها مضمونةٌ لما لا يضمن قال فلم شرط؟ قلت لجهالة صفوانٍ به لأنه كان مشركاً لا يعرف الحكم ولو عرفه ما ضره شرطه له قال فهل قال هذا أحدٌ قلت في هذا كفايةٌ وقد قال ابن عباسٍ وأبو هريرة إن العارية مضمونة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَمَّا الْعَارِيَةُ فَهِيَ عَقْدُ مَعُونَةٍ وَإِرْفَاقٍ جَاءَ الشَّرْعُ بِهَا وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) {المائدة: ٢) والعارية من البر. قال تَعَالَى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (النساء: ١١٤) . وَالْعَارِيَةُ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} (الماعون: ٧) .

وَرَوَى ابْنُ أبي النجود عن شقيق عن عمر بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نَعُدُ الْمَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَارِيَةُ الدَّلْوِ وَالْقِدْرِ. وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَاعُونِ عَلَى خَمْسِ تَأْوِيلَاتٍ أَحَدُهَا مَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ. وَهَذَا هُوَ قَوْلُ محمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>