للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ الثَّابِتِ يَتَظَاهَرُ الْخَبَرُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ ".

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الزَّوْجِيَّةُ فَلَا يَثْبُتُ عَقْدُ نِكَاحِهَا وَالشَّهَادَةُ بِهِ بِالْخَبَرِ الْمُتَظَاهِرِ، لِأَنَّهُ مِنَ الْعُقُودِ الْمُفْتَقِرَةِ إِلَى سَمَاعِ اللَّفْظِ وَمُشَاهَدَةِ الْعَاقِدِ.

فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ بِالْخَبَرِ الْمُتَظَاهِرِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ عَنْ عَقْدٍ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَادَمُ عَهْدُهُ، فعلى هَلْ يَحْتَاجُ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِهَا أَنْ يُرَى الزَّوْجُ دَاخِلًا عَلَيْهَا وَخَارِجًا مِنْ عِنْدِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ كَالتَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ مَعَ تَظَاهُرِ الْخَبَرِ بِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ إِلَّا قَطْعًا بِالسَّمَاعِ وَالْمُعَايَنَةِ إِذَا اجْتَمَعَا فِيهِ لِيَصِلَ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ مِنْ أَقْصَى جِهَاتِهِ الْمُمْكِنَةِ، وَهُوَ الْعُقُودُ مِنَ الْمُنَاكَحِ، وَالْبُيُوعِ، وَالْإِجَارَاتِ الْمُفْتَقِرَةِ إِلَى مُشَاهَدَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَسَمَاعِ لَفْظِهِمَا بِالْعَقْدِ بَذْلًا وَقَبُولًا، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَالطَّلَاقُ الْمُفْتَقِرُ إِلَى مُشَاهَدَةِ الْمُقِرِّ وَالْمُطَلِّقِ، وَسَمَاعِ لَفْظِهِمَا بِالْإِقْرَارِ وَالطَّلَاقِ، فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ فِيهِمَا بِالْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَةِ، لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إِدْرَاكُهُ بِعَلَمِ الْحَوَاسِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُفْضِي إِلَى غَالِبِ الظَّنِّ، وَهَكَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُشْهَدَ فِيهِ بِالْمُشَاهَدَةِ دُونَ السَّمَاعِ، وَلَا بِالسَّمَاعِ دُونَ الْمُشَاهَدَةِ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ.

فَلَوْ سَمِعَ الشَّاهِدَانِ لَفْظَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَعَرِفَا صَوْتَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ، فَيَتَشَبَّهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِلُ ثَوْبًا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ صَفِيقًا يَمْنَعُ مِنْ تَحْقِيقِ النَّظَرِ مُنِعَ مِنَ الشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا يَشُفُّ، فَفِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ يُشَاهِدُهُ مَا وَرَاءَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَجُوزُ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ مَعَهُ يجوز.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَبِذَلِكَ قُلْنَا. لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَعْمَى لِأَنَّ الصَّوْتَ يُشْبِهُ الصَّوْتَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَثْبَتُ شَيْئًا يُعَايِنُهُ وَسَمْعًا وَنَسَبًا ثَمَّ عَمِيَ فَيَجُوزُ ولا علة في رده (قال) والشهادة على ملك الرجل الدار والثوب على ظاهر الأخبار بأنه مالك ولا يرى منازعا في ذلك فتثبت معرفته في القلب فتسمع الشهادة عليه وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>