للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُ الْمُتَكَارِيَيْنِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمَسِيرِ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِهِ وَزَمَانِهِ إِمَّا بِالشَّرْطِ أَوِ الْعُرْفِ أَنْ يُخَالِفَ فِي زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَإِنْ تَخَالَفَتْ زَمَانُهُ فِي تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَحُمِلَ مِنْ فَارِقِ الشَّرْطِ أَوِ الْعُرْفِ عَلَى مَا الْتَزَمَاهُ شَرْطًا أَوْ عُرْفًا مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْحَلَةُ خَمْسَ فَرَاسِخَ فَأَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَسْتَزِيدَ لِيُعَجِّلَ الْمَسِيرَ أَوْ أَرَادَ الْمُكْرِي أَنْ يَنْقُصَ لِتَرْفِيهِ الْبَعِيرِ.

أَوْ كَانَ فِي اللَّيْلِ فَأَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَسِيرَ نَهَارًا أَوْ كَانَ فِي النَّهَارِ فأراد المكتري أن يسير ليلا البعير لِأَنَّ سَيْرَ اللَّيْلِ أَرْفَقُ بِالْبَعِيرِ وَأَشَقُّ عَلَى الرَّاكِبِ وَسَيْرَ النَّهَارِ أَرْفَقُ بِالرَّاكِبِ وَأَشَقُّ عَلَى الْبَعِيرِ لَمْ يَجُزْ وَحَمَلَ الْمُخَالِفُ مِنْهُمَا حَقَّهُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ وَالْعُرْفِ وَهَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْجَمَّالُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْقَافِلَةِ فِي مَسِيرِهِ طَلَبًا لِلْكَلَأِ أَوِ السِّعَةِ أَوْ طَلَبَ ذَلِكَ الرَّاكِبُ لَمْ يَجُزْ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا نُزُولُ الرَّاكِبِ لِلرَّوَاحِ لِيَمْشِيَ تَخْفِيفًا عَلَى الْبَعِيرِ فَإِنْ شَرَطَهُ الْجَمَّالُ عَلَى الرَّاكِبِ وَكَانَ مَعْلُومًا صَحَّ وَلَزِمَ وَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْهُ الْجَمَّالُ عَلَى الرَّاكِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ فِي سَفَرِهِمْ ذَلِكَ عُرْفٌ فِي الرَّوَاحِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الرَّاكِبِ وَكَانَ لَهُ اسْتِدَامَةُ الرُّكُوبِ مَا كَانُوا عَلَى السَّيْرِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ فِي الرَّوَاحِ كَعُرْفِهِمْ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ أَنْ يَمْشِيَ لِلرَّوَاحِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ.

وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعَقْدِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا اكْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِعَبْدِهِ عَقَبَةً لِيَمْشِيَ وَقْتًا وَيَرْكَبَ وَقْتًا فَيَمْشِي بِقَدْرِ مَا رَكِبَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهَا اثْنَانِ فَيَسْتَأْجِرَا بَعِيرًا لِيَتَعَاقَبَاهُ فَهَذَا جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى بَعِيرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يُحْمَلُ الشَّرِيكَانِ فِي تَعَاقُبِهِمَا عَلَى عُرْفِ النَّاسَ.

وَهُوَ أَنْ يَرْكَبَ أَحَدُهُمَا سِتَّةَ أَمْيَالٍ ثُمَّ يَنْزِلَ فَيَمْشِيَ حَتَّى يَرْكَبَ شَرِيكُهُ مِثْلَهَا فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْأَسْبَقِ مِنْهُمَا بِالرُّكُوبِ جَازَ أَنْ يَقْتَرِعَا لِأَنَّهَا فِي الْقَسْمِ الَّذِي تَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجِرُ العقبة واحد يَرْكَبُ فِي وَقْتٍ وَيَمْشِي فِي وَقْتٍ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْبَعِيرِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَهُ عَقَبَةٌ عَلَى مَا يَعْرِفُ النَّاسُ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي بِقَدْرِ مَا رَكِبَ وَلَا يُتَابِعِ الْمَشْيَ فَيَقْدَحَ وَلَا الرُّكُوبَ فَيَضُرَّ بِبَعِيرِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي الْوَقْتِ فِي رُكُوبِهِ وَمَشْيِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَمْيَالِ السِّتَّةِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَإِنْ كَانَ الْبَعِيرُ مُعَيَّنًا فَفِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: صَحِيحَةٌ كَالرَّوَاحِ الَّذِي يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ مَعَ تَعَيُّنِ الْبَعِيرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَالَهُ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا وَقَعَ عَلَى عَيْنِ شَرْطٍ فِيهَا تَأْخِيرُ الْقَبْضِ وَخَالَفَ اشْتِرَاطَ الرَّوَاحِ الَّذِي هُوَ يسير كالاستراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>