لِأَحَدِهِمَا سَهْمٌ وَاحِدٌ، فَكَانَ أَقْرَبَ إِلَى الشَّنِّ مِنْ جَمِيعِ سِهَامِ الْآخَرِ أُسْقِطَتْ بِهِ سِهَامُ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ سِهَامُ نَفْسِهِ، وَكَانَ هُوَ النَّاضِلَ بِسَهْمِهِ الْأَقْرَبِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ أَحَدِهِمَا فِي الْهَدَفِ، وَسِهَامُ الْآخَرِ في الشن، فيصيب الْمُصِيبُ فِي الشَّنِّ هُوَ النَّاضِلَ، وَالْمُصِيبُ فِي الهدف منضول.
وَهَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَهْمٌ وَاحِدٌ فِي الشَّنِّ وَجَمِيعُ سِهَامِ الْآخَرِ خَارِجَة الشَّنِّ كَانَ الْمُصِيبُ فِي الشَّنِّ هُوَ النَّاضِلَ بِسَهْمِهِ الْوَاحِدِ وَقَدْ أُسْقِطَ بِهِ سِهَامُ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يُسْقِطْ لَهُ سِهَامَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ إِلَى الشَّنِّ مِنْ سِهَامِ صَاحِبِهِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ سِهَامُهُمَا جَمِيعًا صَائِبَةً فِي الشَّنِّ لَكِنَّ سِهَامَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضِهِمَا فِي الشَّنِّ الدَّارَةِ، وَسِهَامَ الْآخَرِ خَارِجَ الدَّارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ جَمِيعُهَا فِي الشَّنِّ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَقَدْ حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الرُّمَاةِ أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الدَّارَةِ نَاضِلٌ، وَالْمُصِيبَ خَارِجَ الدَّارَةِ مَنْضُولٌ، لِأَنَّهُ قُطْبُ الْإِصَابَةَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَلَيْسَ مِنْهُمَا نَاضِلٌ وَلَا مَنْضُولٌ، لِأَنَّ جَمِيعَ الشَّنِّ مَحَلُّ الْإِصَابَةِ.
وَأَمَّا الْحَالُ الثَّالِثَةُ: وَهُوَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَحَدُهُمَا إِصَابَةَ الْخَمْسِ وَيُقَصِّرَ الْآخَرُ عَنْهُمَا، فَهَذَا عَلَى ضرين:
أَحَدُهَمَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِي الْإِصَابَةِ أَقْرَبَ سِهَامًا إِلَى الشَّنِّ أَوْ مُسَاوِيًا صَاحِبَهُ، فَيَكُونُ نَاضِلًا، وَالْمُقَصِّرُ مَنْضُولًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُقَصِّرُ فِي الْإِصَابَةِ أَقْرَبَ سِهَامًا مِنَ الْمُسْتَوْفِي لَهَا، فَلَيْسَ فِيهَا نَاضِلٌ وَلَا مَنْضُولٌ، لِأَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ قَدْ سَقَطَتْ سِهَامُهُ لِبُعْدِهَا، وَالْمُقَصِّرَ قَدْ سَقَطَتْ سهامه بنقصانها - والله أعلم -.
[(مسألة:)]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِذَا تَشَارَطَا الْخَوَاسِقَ لَمْ يُحْسَبْ خَاسِقًا حَتَّى يَخْزِقَ الْجِلْدَ بِنَصْلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنْوَاعَ الرَّمْيِ مِنْ قَارَعٍ، وَخَازِقٍ، وَخَاسِقٍ، وَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِهَا اسْمُ الْخَوَاصِلِ.
فَالْقَارِعُ مَا أَصَابَ الشَّنَّ وَلَمْ يؤثر فيه، والخارق مَا أَثَّرَ فِيهِ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَالْخَاسِقُ مَا ثَقَبَ الشَّنَّ وَثَبَتَ فِيهِ.
وَيَحْمِلَانِ فِي الْإِصَابَةِ عَلَى مَا شَرَطَاهَا فَإِذَا شَرَطَا فِيهِمَا الْخَوَاسِقَ، فَإِذَا خَرَقَ الشَّنَّ