للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاجْتِمَاعُ فَكَانَ لِلرُّجُوعِ إِلَى الِاعْتِرَافِ وَالْإِصَابَةِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا ادَّعَتِ الزَّوْجَةُ الْإِصَابَةَ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لَهَا مِنَ الْمَهْرِ إِلَّا نِصْفُهُ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِإِقْرَارِهَا، لِأَنَّ دَعْوَاهَا قَدْ تَضَمَّنَتْ مَا يَنْفَعُهَا وَهُوَ كَمَالُ الْمَهْرِ وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَمَا يَضُرُّهَا وَهُوَ وُجُوبُ الْعِدَّةِ، فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيمَا يَضُرُّهَا مِنْ وُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَرُدَّ فِيمَا يَنْفَعُهَا مِنْ كَمَالِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ، فَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجَةِ فَإِذَا حَلَفَتْ حَكَمْنَا لَهَا عَلَيْهِ بِكَمَالِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْعِدَّةِ فَلَازِمَةٌ لَهَا بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ، وَلَا رَجْعَةَ لِلزَّوْجِ، لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِ الإصابة مبطل لرجعته.

[(فصل:)]

قال الشافعي في كتاب [ ... ] إذا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ: أَعْلَمَتْنِي أَنَّ عِدَّتَهَا قَدِ انْقَضَتْ، ثُمَّ رَاجَعْتُهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا إِقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدِ انْقَضَتْ، لِأَنَّهَا قَدْ تُكَذِّبُهُ فِيمَا أَعْلَمَتْهُ، وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ إِنْ عادت فأكذبها نفسها، وهكذا لو أقرت بطلاقها واحدة وراجعتها وَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ فِيهَا ثُمَّ صَدَّقَتْهُ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا حَلَّ لَهَا الِاجْتِمَاعُ معه.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَوِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَارْتَجَعَهَا مُرْتَدَّةً فِي الْعِدَّةِ لَمْ تكُنْ رَجْعَةً لِأَنَّهَا تَحْلِيلٌ فِي حَالِ التَّحْرِيمِ (قَالَ المزني) رحمه الله فيها نظر وَأَشْبَهُ بِقَوْلِهِ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ رَجْعَةً مَوْقُوفَةً فإن جمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أنه رجعة وإن لم يجمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أنه لا رجعة لأن الفسخ من حين ارتدت كما نقول في الطلاق إذا طلقها مرتدة أو وثنية فجمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أن الطلاق كان واقعاً وكانت العدة من حين وقع الطلاق وإن لم يجمعهما الإسلام في العدة بطل الطلاق وكانت العدة من حين أسلم متقدم الإسلام) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ إِذَا ارْتَدَّتْ عَنِ الْإِسْلَامِ فِي عِدَّتِهَا، فَالزَّوْجُ مَمْنُوعٌ مَنْ رَجَعْتِهَا فِي الرِّدَّةِ كَمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ نِكَاحِهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا وَهِيَ فِي الرِّدَّةِ كَانَتْ رَجْعَتُهُ بَاطِلَةً سَوَاءٌ رَجَعَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ أَمْ لَا، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: رَجْعَتُهُ فِي الرِّدَّةِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِسْلَامِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا صَحَّتِ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ بَطَلَتِ الرَّجْعَةُ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ طَلَاقَ الْمُرْتَدَّةِ لَمَّا كَانَ مَوْقُوفًا صَحَّ أَنْ تَكُونَ رَجْعَتُهَا مَوْقُوفَةً وَلَمَّا صَحَّ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهَا مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأَوْلَى أَنْ تَكُونَ رَجْعَتُهَا مَوْقُوفَةً. وَلِأَنَّ أَسْوَأَ أَحْوَالِ الْمُرْتَدَّةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً وَتَحْرِيمُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>