للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْأَدَاءُ، وَلَا يَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَا مُعْتَبَرٌ بِعَدَالَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ وَشُهُودِ الْأَصْلِ، وَلَا يُعْرَفُ عَدَالَةُ مَنْ لَمْ يُسَمَّ.

وَيَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ الْمُرْسَلِ أَنَّ تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَإِنِ الْتَزَمَ جَرَى عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ نَاقَضَ.

وَنَحْنُ نَجْرِي عَلَى الْقِيَاسِ فِي رَدِّهِمَا.

( [الْقَوْلُ فِي حُكْمِ تَسْمِيَةِ شَاهِدِ الْفَرْعِ لِشَاهِدِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَعْدِيلٍ] )

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُسَمِّيَاهُ وَلَا يُعَدِّلَاهُ.

فَيَسْمَعُ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا وَيَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةِ شَاهِدِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِهِمَا.

وَحُكِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ حَتَّى يعدل شهود الْفَرْعِ شَاهِدَ الْأَصْلِ، فَإِنْ عَدَّلَهُ غَيْرُهُمَا لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمَا.

وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ: لِأَنَّ تَرْكَ تَزْكِيَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ لِشَاهِدِ الْأَصْلِ رِيبَةٌ: وَالشَّهَادَةُ مَعَ الِاسْتِرَابَةِ مَرْدُودَةٌ.

وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّزْكِيَةَ لَا يُعَيَّنُ فِيهَا الْمُزَكِّي، وَقَدْ عَيَّنُوهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّهَادَةَ كَالْخَبَرِ، وَلَمَّا كَانَ نَاقِلُ الْخَبَرِ عَنْ رَاوِيهِ يَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ نَاقِلِهِ، كَذَلِكَ الشَّهَادَةُ يَجُوزُ فِيهَا تَزْكِيَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ شُهُودِ الْفَرْعِ.

( [الْقَوْلُ فِي تَعْدِيلِ شَاهِدِ الْفَرْعِ لِشَاهِدِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ] )

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَعْدِّلَاهُ وَلَا يُسَمِّيَاهُ.

فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُسَمِّيَاهُ.

وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا إِذَا زَكَّى شَاهِدَ الْأَصْلِ وَلِمَ يُسَمِّيَهُ، لِأَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ الِاسْمِ.

وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عِنْدَهُمَا فَاسِقًا عِنْدَ غَيْرِهِمَا، فَصَارَ مَجْهُولَ الْحَالِ بإغفال تسميته.

<<  <  ج: ص:  >  >>