للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ التَّدْبِيرُ عَلَى الْعِتْقِ، لِتَقَدُّمِ نُفُوذِهِ بِالْمَوْتِ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثُ بَطَلَ بِهِ عِتْقُ الْوَصِيَّةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، لِأَنَّ عِتْقَ جَمِيعِهِمْ مُسْتَحَقٌّ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ جَمِيعِهِمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَفِي الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُفْرَدُ كُلُّ فَرِيقٍ، وَيُقْرَعُ بَيْنَ عِتْقِ التَّدْبِيرِ، وَعِتْقِ الْوَصِيَّةِ، فَإِذَا وَقَعَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقَدِ اسْتَوْعَبَ الثلث عتق ورق الفريق والآخر وَصِيَّةً كَانَ أَوْ تَدْبِيرًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَاسْتُوعِبَ بِالثُّلُثِ مَنْ وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَرَقَّ مَنْ عَدَاهُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فِي اشْتِمَالِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْعَطَايَا دُونَ الْعِتْقِ، فَجَمِيعُ أَهْلِهَا يَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ إِذَا ضَاقَ عَنْهَا، يَسْتَوِي فِيهِ مَنْ تَقَدَّمَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَمَنْ تَأَخَّرَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَ هِبَةً أَوْ مُحَابَاةً، وَأَحْسَبُ أَبَا حَنِيفَةَ يُوَافِقُ عَلَى هَذَا، وَيَسْتَهِمُونَ فِي الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ وَصَايَاهُمْ إِذَا اخْتَلَفَتْ مَقَادِيرُهَا، فَإِنْ رَدَّ بَعْضُهُمُ الْوَصِيَّةَ تَوَفَّرَتْ عَلَى الْبَاقِينَ فِي زِيَادَةِ حُقُوقِهِمْ، وَلَمْ يُقَدَّمْ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْعِتْقِ الْمُوجِبِ لِتَكْمِيلِهِ بِالْقُرْعَةِ فِي بَعْضِهِمْ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

وَلِهَذَا الْفَصْلِ أَحْكَامٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الْوَصَايَا، وَمَا حَدَثَ مِنْ نِتَاجِ مَاشِيَةٍ أَوْ ثِمَارِ نَخِيلٍ أَوْ كَسْبِ عَبِيدٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي تَرِكَةٌ يَتَّسِعُ لَهَا الثُّلُثُ فِي تَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَمَا حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْوَرَثَةِ لَا يَتَّسِعُ لَهَا الثُّلُثُ فِي حُقُوقِ أَهْلِ الْوَصَايَا، وَأَمَّا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ مِنْهَا إِذَا ضَاقَتِ التَّرِكَةُ عَنْهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: لَا تُقْضَى مِنْهَا الدُّيُونُ كَمَا لَمْ تُنَفَّذْ مِنْهَا الْوَصَايَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: تُقْضَى مِنْهَا الدُّيُونُ، وَإِنْ لَمْ تُنَفَّذْ مِنْهَا الْوَصَايَا لِحُدُوثِهَا عَنِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الدُّيُونِ بِخِلَافِ الْوَصَايَا، لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ شَرِكَةً فِي الْوَصَايَا بِالثُّلُثَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُمْ شَرِكَةٌ فِي الدَّيْنِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ اشْتِمَالِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْعِتْقِ وَالْعَطَايَا إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ عَلَى الْوَصَايَا، لِدُخُولِهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقُوَّتِهِ بِالسِّرَايَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لِاعْتِبَارِهِمَا مِنَ الثُّلُثِ وَاسْتِحْقَاقِهِمَا بِالْمَوْتِ فَيُقَسَّطُ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ، فَمَا حَصَلَ لِلْعِتْقِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، وَمَا حَصَلَ لِلْعَطَايَا اشتركوا

<<  <  ج: ص:  >  >>