إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَانَ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ لِمَا طَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ النَّقْصِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ تَلَفِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ. فَأَوْلَى أَلَّا يَكُونَ لَهُ بِالْعَيْبِ خِيَارٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَمَا بَقِيَ مِنَ الدَّارِ ما سَقَطَ مِنْ خَشَبٍ وَطُوبٍ رَهْنٌ بِحَالِهِ يُبَاعُ عِنْدَ حُلُولِ الْحَقِّ وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ إِنْ تَعَذَّرَ استيفاؤه من الرهن.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَهُ جَارِيَةً قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَقَرَّ بِهِ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنَ الرَّهْنِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ رَهَنَ جَارِيَةً فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الرَّاهِنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ لَا يَدَّعِيهِ:
فَإِنِ ادَّعَاهُ وَلَدًا مِنْ وَطْءٍ كَانَ قَبْلَ الرَّهْنِ، فالولد لا حق بِهِ بِدَعْوَاهُ سَوَاءٌ صَدَّقَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ كَذَّبَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَدِ.
وَأَمَّا الْأُمُّ فَتَرْجِعُ إِلَى تَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ وَتَكْذِيبِهِ فِيهَا لِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنَ الْحَقِّ فِي رَقَبَتِهَا بَعْدَ الرَّهْنِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أن يُصَدِّقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبَهُ. فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ صَارَتِ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ، وَخَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَقْتَ الْعَقْدِ. وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ فَلِلرَّاهِنِ حَالَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ إِقْبَاضِهَا لِلْمُرْتَهِنِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ إِمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ مِنَ الْمُرْتَهِنِ فَيُحْكَمُ بِقَوْلِهِ وَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنَ الرَّهْنِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ إِذَا جَاءَتْ بِهِ لِزَمَانٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ وَطْءٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَ فَأَمَّا إِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَوْلُ الرَّاهِنِ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِعِلْمِنَا بِكَذِبِهِ إِذِ الْحَمْلُ لَا يَكُونُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْجَارِيَةُ رَهْنًا لَا تَخْرُجُ مِنَ الرَّهْنِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَلَّا يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَلَا حُفِظَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا.
فَهَذَا على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تضعه أقل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَتَخْرُجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute