للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحِجَارَةِ اعْتُبِرَ زَمَانُ الْقَلْعِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَكُونُ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ كَيَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَكُونُ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ نُظِرَ فِيهِ.

فَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحُ حُفَرِهَا بِقَلْعِ الْحِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا عَلَى وجهين.

أحدها: تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا مَلَكَهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَوْ كَانَ بَعْدَ القبض.

والثاني: وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُفَوَّتَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِيَدِ الْبَائِعِ عَلَى الْأَرْضِ.

فَأَمَّا تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحُ حُفَرِهَا فَلَا تَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا، لَكِنْ يَجِبُ بِذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَنَقْصٌ كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجِبْ لِلْمُشْتَرِي أَرْشٌ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ بِهِ خِيَارَ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَنَقْصٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْقَبْضِ لَزِمَتْهُ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَجْهًا وَاحِدًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فقطع البائع يده فليس الْأَرْشُ وَجْهًا وَاحِدًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِ النَّقْصِ فَهَذَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا مُضِرًّا لِقُرْبِهَا مِنْ عُرُوقِ الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ وَقَلْعُهَا مُضِرًّا لِمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ غِرَاسٍ وَزَرْعٍ فَلَا يَخْلُو حال المشتري من ثلاثة أَحْوَالٍ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحِجَارَةِ وَبِضَرَرِهَا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحِجَارَةِ وَلَا بِضَرَرِهَا أَوْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحِجَارَةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِضَرَرِهَا.

فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِجَارَةِ وَبِضَرَرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْقَلْعِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَعِيبِ يَمْنَعُ مِنَ الْخِيَارِ وَالْعِلْمَ بِالْحِجَارَةِ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحِجَارَةِ وَبِضَرَرِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ لِأَجْلِ مَا يَلْحَقُهُ مِنَ الضَّرَرِ وَالنَّقْصِ، فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَامَ كَانَتِ الْأُجْرَةُ مُسْتَحِقَّةً عَلَى مَا مَضَى وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ فِي الزَّمَانِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ.

وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحِجَارَةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِضَرَرِهَا اسْتَحَقَّ الْخِيَارَ فِي الْفَسْخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالضَّرَرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إِنْ أَقَامَ لِعِلْمِهِ بِالْحِجَارَةِ، وَأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا يَجْعَلُ زَمَانَ قَلْعِهَا مُسْتَثْنًى.

<<  <  ج: ص:  >  >>