للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لُحُومَ الْحِيتَانِ صِنْفٌ آخَرُ وَإِنْ كَانَتِ اللُّحُومُ كُلُّهَا صِنْفًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لما لم يأكل الْحِيتَانَ إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ اقْتَضَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ اللُّحْمَانُ كُلُّهَا صِنْفَيْنِ.

فَلُحُومُ حَيَوَانِ الْبَرِّ عَلَى اخْتِلَافِهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَلُحُومُ حِيتَانِ الْبَحْرِ عَلَى اخْتِلَافِهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ اللُّحْمَانَ أَصْنَافٌ، فَلَحْمُ الْغَنَمِ صِنْفٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضَّأْنِ مِنْهُ وَالْمَاعِزِ، وَلَا بَيْنَ الْمَعْلُوفِ وَالرَّاعِي، وَلَا بَيْنَ الْمَهْزُولِ وَالسَّمِينِ، ثُمَّ لَحْمُ الْبَقَرِ صِنْفٌ آخَرُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَوَامِيسِ وَالْعِرَابِ، وَلَحْمُ الْإِبِلِ صِنْفٌ آخَرُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَهْرِيَّةِ وَالْبَخَاتِ.

ثُمَّ لُحُومُ الصَّيْدِ الْوَحْشِيِّ أَصْنَافٌ، فَلَحْمُ الطَّيْرِ صِنْفٌ، وَلَحْمُ الثَّعَالِبِ صِنْفٌ، وَلَحْمُ الْأَرَانِبِ صِنْفٌ وَلَحْمُ بَقَرِ الْوَحْشِ صِنْفٌ، وَلَحْمُ حُمُرِ الْوَحْشِ صِنْفٌ، ثُمَّ لُحُومُ الطَّيْرِ أَصْنَافٌ، فَلَحْمُ الْحَمَامِ صِنْفٌ، وَلَحْمُ الدَّجَاجِ صِنْفٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ جِنْسٍ مِنَ الطَّيْرِ لُحُومُ جِنْسِهَا صِنْفٌ، ثُمَّ هَلْ تَكُونُ لُحُومُ الْحِيتَانِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صِنْفًا وَاحِدًا أَوْ تَكُونُ أَصْنَافًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا حِيتَانُهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ كُلَّهُ مَأْكُولٌ حِيتَانَهُ وَدَوَابَّهُ وَمَا فِيهِ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّيْءُ صِنْفًا وَالنَّتَاجُ صِنْفًا وَكُلُّ مَا اخْتَصَّ بِاسْمٍ يُخَالِفُ غَيْرَهُ صِنْفًا.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الشُّحُومُ فَصِنْفٌ غَيْرُ اللَّحْمِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ: كَاللَّحْمِ، وَلَكِنْ هَلْ تَكُونُ الْإِلْيَةُ وَمَا حَمَلَهُ الظَّهْرُ صِنْفًا مِنَ الشَّحْمِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا صِنْفٌ مِنْ جُمْلَةِ الشَّحْمِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ الشَّحْمِ وَهَذَا قَوْلُ أبي حنيفة.

وَلِتَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ مَوْضِعٌ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ ثُمَّ الْكَبِدُ صِنْفٌ يُخَالِفُ اللَّحْمَ، وَالطِّحَالُ صِنْفٌ آخَرُ، وَالْفُؤَادُ صِنْفٌ آخَرُ، وَكَذَلِكَ الْمُخُّ وَالدِّمَاغُ وَالْكِرْشُ وَالْمُصْرَانُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا صِنْفٌ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا الْبَيْضُ فَنَوْعَانِ: بَيْضُ طَيْرٍ، وَبَيْضُ سَمَكٍ. فَأَمَّا بَيْضُ الطَّيْرِ فَلَا يَكُونُ صِنْفًا مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْبِيضَ أَصْلٌ لِلْحَيَوَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ صِنْفًا مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي هُوَ فَرْعُ الْحَيَوَانِ. فَعَلَى هَذَا إِذَا قِيلَ إِنَّ اللَّحْمَ أَصْنَافٌ فَالْبَيْضُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَصْنَافًا، وَإِذَا قِيلَ إِنَّ اللُّحْمَانَ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَفِي الْبَيْضِ وَجْهَانِ، وَأَمَّا بَيْضُ السَّمَكِ فَهَلْ يَكُونُ نَوْعًا مِنْ لَحْمِ السَّمَكِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>