للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ الْمُزَنِيَّ مُصِيبٌ فِي نَقْلِهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي قِرَاضٍ فَاسِدٍ، وَالْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ لَا يَمْلِكُ رِبْحَهُ وَإِنْ فَسَدَ قِرَاضُهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِفَسَادِ الْعَقْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَصِيدَ لَهُ وَيَحْتَشَّ إِجَارَةً فَاسِدَةً، فَصَادَ الْأَجِيرُ وَاحْتَشَّ كَانَ الصَّيْدُ وَالْحَشِيشُ لِلْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِمُسْتَأْجِرِهِ لَا لِنَفْسِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ.

فَهَذَا حُكْمُ قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ.

فَتَخَرَّجَ فِي الرِّبْحِ عَلَى مَا شَرَحْنَا مِنْ حُكْمِ الْقَوْلَيْنِ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْعَامِلِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالنِّصْفَ الْبَاقِي بَيْنَ الْعَامِلَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ مَحْكِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِرَبِّ المال ولا للعامل الثاني، وهذا بَلْ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي مُقَارَضَةِ غَيْرِهِ، وَلَا يَأْذَنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ، فَهَذَا وَكَيْلٌ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَارِضَ نَفْسَهُ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَايِعَ نَفْسَهُ. ثُمَّ يُنْظَرُ.

فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ عَيَّنَ لَهُ مَنْ يُقَارِضُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ فِيمَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِقِرَاضِهِ مِنْ ذَوِي الْأَمَانَةِ وَالْخِبْرَةِ.

فَإِنْ قَارَضَ أَمِينًا غَيْرَ خَبِيرٍ بِالتِّجَارَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ قَارَضَ خَبِيرًا بِالتِّجَارَةِ غَيْرَ أَمِينٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَجْتَمِعَ الشَّرْطَانِ فِيهِ: الْخِبْرَةُ وَالْأَمَانَةُ.

فَإِنْ عَدَلَ عَمَّا وَصَفْنَا فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْدِلَ إِلَى مقارضة نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>