" اكْشِفِي رَأْسَكِ وَلَا تَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ "، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ جَرَّ قِنَاعَهَا وَقَالَ: " يَا لُكَعَاءُ تَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ "
فَأَمَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرَأْسِهَا [مِنْ صَدْرِهَا وَوَجْهِهَا] فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ وعليه أصابنا إِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَيَجُوزُ نَظَرُ الْأَجَانِبِ إِلَيْهِ عِنْدَ التَّقْلِيبِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ ذَلِكَ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَمَعَ الْأَجَانِبِ لَيْسَ لَهُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا لِحَاجَةٍ، وَلَا لِغَيْرِهَا فَأَمَّا الْأَمَةُ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا مَمْلُوكٌ فَفِي عَوْرَتِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: كَالْحَرَائِرِ فِي صَلَاتِهَا وَمَعَ سَيِّدِهَا وَمَعَ الْأَجَانِبِ
وَالثَّانِي: كَالْإِمَاءِ فِي صَلَاتِهَا وَمَعَ الْأَجَانِبِ وَكَأَمَةِ الْغَيْرِ مَعَ سَيِّدِهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ تَحْلِيلٌ وَتَحْرِيمٌ كَانَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ أَغْلَبَ
فَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُكَاتَبَةُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ: فَكُلُّهُنَّ عَوْرَةٌ سَوَاءٌ، لِأَنَّ حُكْمَ الرِّقِّ جَارٍ عَلَيْهِنَّ، فَلَوْ صَلَّتِ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَتَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا إِعَادَةُ مَا صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ بَعْدَ عِتْقِهَا كَالْمُصَلِّي عُرْيَانًا لِعَدَمِ الثَّوْبِ ثُمَّ يَجِدُ ثَوْبًا قَدْ كَانَ لَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَذَلِكَ الْأَمَةُ، لِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ وَقَدْ خُرِّجَ فِي الْأَمَةِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا مِنَ الْمُصَلِّي وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَعْلَمُ بِهَا إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الصلاة
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ، فَإِنْ صَلَّى فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ، أَوْ سَرَاوِيلَ واحدة أجزأه "
قال المارودي: وأما الرجل فعورته ما بين سرته إلى ركبتيه، وَلَيْسَتِ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ؛ لِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ، وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ فَلَا تَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عورته "
وأما مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ مِنَ الْعَوْرَةِ
وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا دُونَ الرُّكْبَةِ مِنَ الْعَوْرَةِ، وَمَا أَسْفَلَ السُّرَّةِ مِنَ الْعَوْرَةِ "