للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ فِي تَعْجِيلِ الثَّمَنِ فَاسِدٌ وَيَكُونُ الثمن رهنا مكانه أَوْ قِصَاصًا لِمَا مَضَى مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْإِذْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَيْعِ فَصَحَّ الْبَيْعُ بِخُلُوِّهِ مِنَ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ فِي الْإِذْنِ شَرْطٌ كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: بِعْ ثَوْبِي عَلَى أَنَّ لَكَ عُشْرَ ثَمَنِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فَاسِدًا. كَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ ثَمَنَهُ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فَاسِدًا.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُزَنِيُّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوِكَالَةِ كَانَ فِي الْأُجْرَةِ دُونَ الْإِذْنِ فَصَحَّ الْبَيْعُ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ، وَفَسَدَتِ الْأُجْرَةُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أُجْرَةٌ مِثْلُهُ. وَالشَّرْطُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي الْإِذْنِ، فَلِذَلِكَ فَسَدَ مِنْ أَجْلِهِ الْبَيْعُ؛ لأن صحة البيع لصحة الإذن.

والوجه الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوِكَالَةِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَفَاءُ بِهِ وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَنِ، أَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِمَا قَامَ مَقَامَهُ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَصَارَ الشَّرْطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا قَبُولُهُ لازم فصح البيع.

ولما كَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ فِي تَعْجِيلِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ بَدَلٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فَبَطَلَ الشَّرْطُ فَكَذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فلو كان الرهن بحق حال فأذن فباع وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي حَقٍّ حَالٍّ، أَوْ فِي مُؤَجَّلٍ مُحَلٍّ، ثُمَّ إِنَّ الْمُرْتَهِنَ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَنَفَذَ وَلَزِمَ دَفْعُ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ مَصْرُوفًا فِي دَيْنِهِ.

فَإِنْ كَانَ حَقُّهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ جَمِيعَهُ. وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ. وَكَانَ الْبَاقِي رَاجِعًا عَلَى الرَّاهِنِ.

وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ الرَّاهِنِ وَلَزِمَهُ دَفْعُ ثَمَنِهِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ ثَمَنِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الْحَقُّ إِلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِنْ حُكْمِ الرَّهْنِ أَنَّهُ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ لِيُبَاعَ عِنْدَ مَحَلِّهِ وَيَكُونُ مَصْرُوفًا فِيهِ.

فَإِذَا بِيعَ عِنْدَ مَحَلِّهِ، لَزِمَ دَفْعُ ثَمَنِهِ فِي الْحَقِّ اعْتِبَارًا بِحُكْمِهِ وَمُوجِبِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَبْلَ مَحَلِّهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ بَيْعَ الرَّهْنِ عِنْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوِ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ بَيْعُهُ مِنْ حَقِّهِ صُرِفَ فِي حَقِّهِ وَبِيعَ الرَّهْنُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَقِّ مِنْ حَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>