للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب جزاء الصيد]

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " قال الله جل وعز: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) {قال الشافعي) وَالنَّعَمُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنَ النَّعَمِ، وَالنَّعَمُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فِي الشَّبَهِ وَالصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ قِيمَةُ الصَّيْدِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الصَّيْدِ، فَيُقَوَّمُ الصَّيْدُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ تُصْرَفُ الدَّرَاهِمُ إِلَى النَّعَمِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مِنَ النَّعَمِ مَا يَجُوزُ أُضْحِيَةً، وَلَا اعْتِبَارَ بِمِثْلِ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ وَالشَّبَهِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مَثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (المائدة: ٩٥) وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ فِي الْجَزَاءِ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ، وَالْمِثْلُ فِي الشَّرْعِ إِمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمِثْلَ مِنَ الْجِنْسِ فِي الصُّورَةِ وَالشَّبَهِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ مِثْلًا شَرْعًا وَلُغَةً، وَإِمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ الْقِيمَةَ فَيَكُونَ مِثْلًا شرعاً لا لغةً (ولا يتناول المثل من غير الجنس لا شرعاً ولا لُغَةً) .

وَإِذَا كَانَ الْمِثْلُ يَتَنَاوَلُ أَحَدَ هَذَيْنِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَا مُرَادَيْنِ وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ مِنَ الْجِنْسِ مُرَادًا وَهُوَ أَنْ يَجِبَ فِي النَّعَامَةِ نعامةٌ وَمِنَ الْحِمَارِ حمارٌ ثبت أن المثل من طريق القيمة مراداً.

وقوله تعالى: {مِنَ النَّعَمِ} يَعْنِي أَنَّهُ يُصْرَفُ قِيمَةُ الصَّيْدِ فِي النَّعَمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مِنَ الْاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمِثْلَ فِي الصُّورَةِ وَالشَّبَهِ لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُكْمِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يدرك بالمشاهدة والنظر الذي يستوي فيه العادل، وَالْفَاسِقُ، وَالْعَالِمُ، وَالْجَاهِلُ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْقِيمَةُ الَّتِي تَفْتَقِرُ إِلَى تَقْوِيمٍ وَاجْتِهَادٍ وَيُرْجَعُ فِيهَا إِلَى الْعُدُولِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: مِنَ الْاسْتِدْلَالِ بِهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْمِثْلَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>