للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ رُكْنٌ كَالِانْتِقَالِ مِنَ السُّجُودِ إِلَى الْقِيَامِ وَدَلِيلُنَا مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَالْأَعْرَابِيِّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِلرَّجُلِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، وَلِأَنَّ كُلَّ رُكْنٍ يَعْقُبُهُ قِيَامٌ وَجَبَ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ انْتِصَابٌ كَالْإِحْرَامِ، وَلِأَنَّهُ قِيَامٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا كَالْقِيَامِ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ: أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ إِيجَابِ الْقِيَامِ الَّذِي لَيْسَ مِنَ الرُّكُوعِ

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رُكْنًا وَاجِبًا يَتَضَمَّنُ ذِكْرًا وَاجِبًا فَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ رُكْنٍ يَتَضَمَّنُهُ ذِكْرٌ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ عَلَى أَصْلِهِمْ بِالْجُلُوسِ الْمُتَشَهِّدِ

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ مِنْ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ رُكْنٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا ذِكْرٌ وَهُوَ أَنَّهُ فَاسِدٌ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْقِيَامِ إِلَى السُّجُودِ بَيْنَهُمَا ذِكْرٌ، وَهُوَ الرُّكُوعُ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ مِنَ السُّجُودِ إِلَى الْقِيَامِ ذِكْرٌ أَيْضًا

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَالِاعْتِدَالَ قَائِمًا ذِكْرٌ وَاجِبٌ، فَالسُّنَّةُ إِذَا ابْتَدَأَ بِالرَّفْعِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فَيَكُونُ فِي رَفْعِهِ سُنَّتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ

وَالثَّانِي: رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ: " رَبَّنَا وَلَكَ الحمد ملء السموات وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " إِمَامًا كَانَ، أَوْ مَأْمُومًا، وَقَالَ أبو حنيفة: يَخْتَصُّ الْإِمَامُ بِقَوْلِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالْمَأْمُومُ بِقَوْلِ " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ". قَالَ: وَلِأَنَّ قَوْلَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَوْضُوعٌ لِرَفْعٍ، وَقَوْلَهُ: رَبَّنَا لك الحمد، موضوع لرفع أَيْضًا، وَالِانْتِقَالُ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَى الْأَرْكَانِ إِنَّمَا سُنَّ بِذِكْرٍ وَاحِدٍ لَا بِذِكْرَيْنِ كَالتَّكْبِيرَاتِ فَعَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَسْنُونٌ لِلْإِمَامِ، وَالْآخَرَ مَسْنُونٌ لِلْمَأْمُومِ قَالَ: وَلِأَنَّ قَوْلَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ إِخْبَارٌ عَنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَقَوْلَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ شُكْرٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلّ عَلَى قَبُولِ الدُّعَاءِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا الْوَاحِدُ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا جَوَابُ الْآخَرِ

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد.

وَرُوِيَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كان

<<  <  ج: ص:  >  >>