للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَعَلَيْهِ نَصٌّ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْإِسْرَارِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ فِي الْقَدِيمِ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَأَوْجَبَهَا فِي صَلَاةِ الْإِسْرَارِ

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى الْجَدِيدِ تَعْلِيلُهُ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ فِي الْقَدِيمِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَأْتِي بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةٍ يُسِرُّ فِيهَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا، وَهُوَ فِي الْجَدِيدِ يَرَى وُجُوبَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ مَعًا

فَإِنْ قِيلَ: بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَسُقُوطِ الْإِعَادَةِ فِيهِ؛ فَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا صَحَّتْ خَلْفَ الْجُنُبِ وَالْجُنُبُ عَاصٍ لَا طَهَارَةَ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ، فَالْأُمِّيُّ الَّذِي لَيْسَ بعاصٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ يَصِحُّ مِنْهُ جَمِيعُ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ، إِلَّا الْقِرَاءَةَ الَّتِي قَدِ انْتَقَلَ إِلَى بَدَلِهَا أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَلِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لِمَنْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الرُّكْنِ

أَصْلُهُ: ائْتِمَامُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَهَذَا نُكْتَةُ هَذَا الْقَوْلِ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لَوْ نَسِيَ سجدة من الركعة الأولة حَتَّى قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَحْرَمَتِ الطَّائِفَةُ الثانية خلفه كان عمله في الثانية كلا عَمَلٍ، إِلَّا السَّجْدَةَ يَجْهَرُ بِهَا الْأُولَى، وَصَحَّتْ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا، فَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُمِّيٍّ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، لِأَنَّ فَقْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَا تُؤَثِّرُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَوُجُوبِ الْإِعَادَةِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقَاوِيلِ وَأَصَحُّهَا رواية ابن مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " يؤم القوم أقرأهم لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "

وَرَوَى عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " يؤمكم أقرأكم " فَكَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِيهَا، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ يَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ عَنِ الْمَأْمُومِ إِذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا وقراءة السُّورَةَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَإِذَا كَانَ أُمِّيًّا لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُهُ لَمْ تَصِحَّ إِمَامَتُهُ وبهذا المعنى فرقنا بين الأمي والجنب، والقاعدة؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَالْقِيَامَ لَا يَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ فَلَمْ يَكُنْ فَقْدُهُمَا قَادِحًا فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا إِذَا نَسِيَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الخوف ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الثَّانِيَةِ قَائِمًا اعْتَدَّ بِهَا للمأموم لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ أَهْلِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ، وَالْأُمِّيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِرَاءَةِ وَلَيْسَ الْعِلَّةُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ فِيهَا أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَلَا تَرَى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا فَنَسِيَ الْقِرَاءَةَ جَازَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، لِأَنَّ إِمَامَهُ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْإِمَامُ الْأُمِّيُّ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ

وَقَالَ أبو حنيفة: صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ بَاطِلَةٌ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ يَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>