للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُطِعَ إِذَا بَلَغَتْ نِصَابًا؛ لِأَنَّ الْبَنَّاءَ حِرْزٌ لآلته، وهكذا لو سرق باب الحرز بقلع إِذَا كَانَ وَثِيقًا فِي نَصْبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا؛ لِأَنَّ غَلْقَ الْبَابِ حرز لما ورائه وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي حِرْزِهِ، فَإِنْ سَرَقَ مَا في البيت وبابه مفتوح ولم يقطع، فإن سَرَقَ بَابَهُ قُطِعَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ الْبَابِ مَفْتُوحًا كَانَ أَوْ مُغْلَقًا، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَهُ مِنْ بِنَاءِ الْحِرْزِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ سَرَقَ الْحِرْزَ وَلَمْ يَهْتِكْهُ، وَهَذَا فاسد؛ لأمرين:

أحدهما: ما كان حرزاً لغيره أولى أَنْ يَكُونَ حِرْزًا لِنَفْسِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَحْرَازَ معتبرة بالعرف المعهود وأبواب الجدر وَآلَةُ بِنَائِهِ لَا تُحْفَظُ عُرْفًا إِلَّا بِنَصْبِ الْأَبْوَابِ وَبِنَاءِ الْآلَةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حرزاً كَسَائِرِ الْأَحْرَازِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَلَّعَ حَلْقَةَ الباب أو مساميره أو أقفاله قطع، لأنه فِي مَحَلِّ حِرْزِهَا، وَكَذَا لَوْ قَلَعَ عَتَبَةَ الْبَابِ قُطِعَ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا حِرْزٌ لَهَا، وَلَوْ نَقَضَ آلَةً مِنْ بِنَاءٍ قَدْ خَلَا مِنْ أهله حتى خرب نظر: فإن كان بناؤه وثيقاً لم يستهدم قطع، وإن كان متهدماً مُتَخَلْخِلًا لَمْ يُقْطَعْ، فَإِنْ كَانَ عَلَى خَرَابِ الْبِنَاءِ أَبْوَابٌ لَمْ يُقْطَعْ فِي أَخْذِهَا وَإِنْ قُطِعَ فِي آلَةِ بِنَائِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَبْوَابَ مُحْرَزَةٌ بِالسُّكْنَى وَالْآلَةُ مُحْرَزَةٌ بِالْبِنَاءِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي: " وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ وَالْحُجْرَةِ إِلَى الدَّارِ وَالدَّارُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَحْدَهُ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهَا حِرْزٌ لِمَا فِيهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُحْرَزًا فِي حُجْرَةٍ فِي دَارٍ خَاصَّةٍ أَوْ فِي بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَأَخْرَجَهُ إِلَى صَحْنِ الدَّارِ فَالْحُكْمُ فِي الْحُجْرَةِ وَالْبَيْتِ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ بَابُ الْحُجْرَةِ وَالدَّارِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَا مَفْتُوحَيْنِ فَلَا قطع عليه؛ لأنه يفتح الباب غير محرز.

والقسم الثاني: أن يَكُونُ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا وَبَابُ الْحُجْرَةِ مَفْتُوحًا، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ حِرْزٌ فَصَارَ نَاقِلًا لَهُ فِي الْحِرْزِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُ عُدْوَانٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الْحُجْرَةِ مُغْلَقًا، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ هُوَ الْحُجْرَةُ دُونَ الدَّارِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ بَابُ الْحُجْرَةِ مُغْلَقًا وَبَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا، فَفِي قَطْعِهِ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْحُجْرَةِ أو الْبَيْتِ الْمُغْلَقِ إِلَى الدَّارِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا بِالْغَلْقِ تَصِيرُ هِيَ الْحِرْزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>